تعددت الوقفات الاحتجاجية والاعتصامات والبيانات والمناشدات لطلاب اليمن الدارسين في الخارج وتزايدت معها الوعود واللجان الحكومية والسبب واحد قد يتحول فيه الضحية إلى جاني
من مصر إلى ماليزيا والجزائر والمغرب وروسيا وغيرها من بلدان الاعتماد تتكرر مشاهد اصطفاف طلاب اليمن رافعين لافتات وبيانات تطالب بسرعة صرف مستحقاتهم، جزء منها واضح المشروعية وضوح العيان، والحكومة تعترف بتقصيرها في ذلك بمبرر صعوبة الاوضاع المالية، وجزء يعد ككرة الثلج فالحكومة غير قادرة على تلبية طلبات الطلاب كونها احد اثار فساد المنح التعليمية، وهي أيضا غير قادرة على منعه.
ففي مقابل تصاعد مناشدات الطلاب وتعدد احتجاجاتهم، فان المنح غير الشرعية في تزايد مستمر، وكل ربع سنة تضاف اعدادا جديدة، ليس الى كشوفات المساعدات فحسب، ولكن إلى صفوف المعتصمين مستقبلا، او في الربع الذي يليه على اقل تقدير، فكأنه قرارا بالانضمام الى الاعتصام مع دفع التكاليف على الحكومة.
فساد حكومي وتلاعب ورشوة واسهال في اضافة الالاف لكشوفات المساعدات المالية للطلاب المبتعثين بدون قرارات ايفاد يحدد بيانات الطلاب وآلية اختيارهم وأحقيتهم للمنحة.
في ظل ترسخ الفساد في اروقة التعليم العالي والبحث العلمي وانعدام نزاهة عملية توزيع المنح التعليمية، يلجأ بعض الطلاب إلى الاعتماد على اسرهم وذواتهم في استمرار تحصيلهم العلمي حتى وان كان مكلف جدا، وهذا وضع يعزز او يبرر من تعاملهم مع لوبي الفساد ورضوخهم لواقع يدفعون فيه آلاف الدولارات للحصول على مساعدة مالية حكومية، غير ان هذا الفساد المتضاعف والمتزايد، يحرم آلاف الطلاب المتفوقين غير القادرين على دفع طلبات الفاسد الحكومي الذي يقف حارسا على كشف المساعدات المالية ويده ممتدة لمن يدفع.
وفي مقابل حرمان الطلاب المتفوقين فان جزء لاباس به من المساعدات المالية التي اضيفت عن طريق الرشوة والفساد والمحسوبية تذهب لطلاب فاشلين دراسيا وغير مستحقين وربما وجدوا انفسهم فجأة في بلدان الاعتماد نازحين بفعل الظروف والحرب التي تشهدها اليمن، لتتعزز لديهم فكرة الحصول على مساعدة ولا نعلم ان كانت للاعاشة او للدراسة.
كشفت وثيقة صادرة من نائب وزير التعليم العالي إلى الوزير تتضمن الكشف عن إضافة اكثر من الفي طالب الى كشوفات المساعدات المالية بدون قرارات ايفاد خلال العام 2018م، في اكبر عملية فساد، تمت عن طريق السمسرة والوساطة والمحسوبية والرشوة، والمتاجرة بمستقبل آلاف الطلاب في الخارج، وكأن لوبي الفساد الحكومي يصر على تدمير مستقبل الطالب سواء كان في المدرسة او يلحقه إلى أزقة الجامعات.
ووفقاً للوثيقة المرفقة، فإنه بناءً على توجيهات نائب رئيس الجمهورية علي محسن الأحمر ورئيس الوزراء معين عبدالملك وكبار المسؤولين في الوزارة، تم إضافة مساعدات مالية في الربع الأول من العام الماضي ل(585) طالباً من خارج كشوف المنح الدراسية المعتمدة، أي بمعدل يزيد عن الفي طالب سنوياً.
وأكدت الوثيقة التي رفعها نائب وزير التعليم العالم الدكتور خالد الوصابي إلى الوزير الدكتور حسين باسلامة، فإن الطلاب الذين تم إضافتهم بموجب تلك التوجيهات لم يستكملوا الوثائق الدراسية المطلوبة، ولم يتم التأكد من تسجيل أي طالب منهم في جامعة بدول الابتعاث، إضافة إلى عدم التأكد من تواجد الطالب أو عدمه في بلد الدراسة، منبهة أن هذا العدد من المنح فاق حجم الاعتماد السنوي الذي كان محدداً في الوضع الاعتيادي للبلد قبل الحرب ويتعارض مع التوجهات لتخفيض الاعتمادات للمساعدات المالية للمنح الدراسية مراعاة للأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها اليمن في الوقت الراهن.
وأظهرت الوثيقة المسؤولين المتورطين في إصدار التوجيهات غير القانونية بتلك الإضافات للمنح المالية على النحو التالي:
- وكيل وزارة التعليم العالي لقطاع البعثات (250)
- وزير التعليم العالي 191
- رئيس الوزراء 65
- نائب وزير التعليم العالي 57
- جهات غير محددة 13
- نائب رئيس الجمهورية 8
- نائب رئيس الوزراء 2
وفي حين لم تكشف الوثيقة عن أسماء الطلاب الذين تم إضافتهم للحصول على مساعدات المنح المالية.. إلا أن مصادر في التعليم العالي أكدت أنهم من أولاد كبار المسؤولين في الدولة والحكومة ومن أقربائهم، مشيرة إلى أن هذا الفساد المستشري والعبث المتواصل بالمنح حول منح التعليم العالي إلى بقرة حلوب يسعى كل النافذين من مسؤولي الشرعية للاستئثار به لأقربائه حتى وإن كانوا غير مؤهلين لذلك مما يؤدي إلى حرمان الطلاب المستحقين من أوائل الثانوية على مستوى الجمهورية.
وأوضحت تلك المصادر أن هذه الإضافات غير القانونية تنعكس بآثارها السلبية في تأخير صرف المنح المالية للطلاب المبتعثين في الخارج في أوقاتها المحددة مما يجعل غالبيتهم يتعرضون لمشاكل لا حصر لها وبعضهم يعجز عن توفير لقمة عيشه وآخرون يتعرضون للطرد من الشقق التي يستأجرونها بعد تأخرهم عن دفع إيجارها.
وطالبت تلك المصادر الجهاز المركزى للرقابة والمحاسبة بسرعة تشكيل لجنة لمراجعة كل أعمال الوزارة لكشف الفساد المهول في المنح، كون ما ظهر إلا الشيء اليسير وما خفي أعظم.
وعقب هذه الفضيحة الكبرى أصدر رئيس الوزراء قرارا قضى بايقاف أي اضافات جديدة في المساعدات المالية اعتبارا من الربع الثاني من العام 2019م وإعادة النظر في الإضافات التي تمت في الربع الأول 2019م واقتصار المنح في إطار التبادل الثقافي وفقا للمعايير فقط.
غير ان ما يحدث في الواقع وفي أروقة الوزارات وطريق السماسرة لايمت لهذه القرارات بصلة وهو ما دعا وزارة المالية بالتعميم إلى الملحقيات الثقافية للتحذير من مغبة مخالفة القانون فيما يتعلق بالصرف من الوفورات المالية لأي أغراض أخرى.
وطلبت الوزارة من الملحقيات موافاتها برصيد الحسابات الخاصة بالملحقية الثقافية حتى تاريخ 31 / 11/ 2019م، وموافاتها بتقرير تفصيلي بنتائج صرف المساعدات المالية للربع الثاني 2019م في موعد اقصاه 15 ديسمبر 2019م.
كما ألزمت الوزارة الملحقيات موافاتها بأسماء الطلبة الخريجين والمنقطعين غير المستحقين للربع الرابع 2019م، وكشوفات تفصيلية برصيد الوفورات (مساعدة – رسوم) حتى تاريخ 31 / 11/ 2019م.
وبينما يتصاعد عدد المضافين إلى كشوفات المساعدات المالية بدون قرارات ايفاد، اقرت وزارة المالية عدم صرف اي مستحقات مالية تحت اي مسمى لمن ليس لديه قرار ايفاد من الداخل وكذا الحال لاي طالب غير متواجد في بلد الدراسة مالم يكن في بحث ميداني.
كما أكدت الوزارة على منع الصرف بشكل قاطع من الوفورات الخاصة بمستحقات الطلاب لاي اغراض اخرى (مرتبات – نفقات تشغيل – مساعدات – سلف – مشتريات)
مشاكل عدة تفرزها عملية فساد واحدة، فالطالب قد يلجأ الى الرشوة ودفع مبالغ تصل الى الف دولار للوبي الفساد في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في عدن لاضافته لكشف المساعدات المالية، بدون قرار ايفاد يؤكد شرعية وأحقية حصولة على هذه المساعدة اذ انها مهددة بالايقاف في أي لحظة.
ويؤكد السفير اليمني في مصر الدكتور محمد مارم ان سفارته عبارة عن وسيط لصرف مخصصات الطلاب وفق كشوفات معدة سلفا من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ولا دخل لها في اعتماد او عدم اعتماد الطلاب، لافتا الى ان اعتماد طلاب في كشوفات المساعدات المالية بدون قرارات ايفاد، يخلق مشاكل للطلاب والملحقية الثقافية معا تتمثل في ان هؤلاء الطلبة الذين تم اعتمادهم بالمخالفة سيضطرون للمطالبة برسوم دراسة، ناهيك عن ان مشاكلهم ستتضاعف في حال تم ايقاف مساعداتهم المالية إذا لم يتم تصحيح اوضاعاهم.
قد يحصل الطالب على منحة بالرشوة ولكنه قرار فيه الكثير من المخاطرة والتحدي كونه يضع مستقبلة على المحك وامكانية فشله تعليميا وارد جدا اذ ان ايقاف صرف المساعدة المالية يعني عدم قدرته على الاستمرار في الدراسة او ان يزيد من الاعباء المالية على اسرته في بلد انهكته الحرب وزادت عدد الفقراء فيه.