أعلن البنك المركزي الخاضع لسيطرة مليشيا الحوثي في صنعاء، مساء السبت، عن سك عملة معدنية جديدة من فئة 50 ريالًا، على أن يبدأ تداولها رسميًا بدءًا من يوم الأحد، في خطوة تروّج لها الجماعة كجزء من "حلول" لمشكلة الأوراق النقدية التالفة، رغم فشل تجربة سابقة مع عملة معدنية من فئة 100 ريال.
وتأتي هذه الخطوة في وقت يرى فيه خبراء الاقتصاد أنها تمثل تصعيدًا جديدًا في سياسات العبث النقدي، وتعكس حالة العجز المتفاقم لدى الجماعة في إدارة ملف السيولة، وسط رفض مصرفي واسع لتلك الإجراءات التي تُعد بمثابة تزوير ممنهج للعملة الوطنية.
وادعى البنك الحوثي أن الخطوة "لن تؤثر على الكتلة النقدية أو أسعار الصرف"، وهو ما يشكك فيه مراقبون اقتصاديون، مؤكدين أن هذه الإصدارات تُعمّق حالة الانقسام المالي وتضاعف من حالة عدم الثقة بالعملة الوطنية، وتُسهّل ممارسات غسل الأموال وتمويل العمليات غير المشروعة.
وسبق للجماعة أن أصدرت، في مارس 2024، عملة معدنية من فئة 100 ريال، لكنها فشلت في تحقيق أي اختراق لأزمة السيولة، إذ ظل المواطنون يتعاملون معها بتحفّظ، في ظل رفضها من الأسواق في مناطق الحكومة الشرعية، واعتبار البنك المركزي اليمني في عدن تلك الخطوة "تزويرًا صارخًا ومخالفة للقوانين المصرفية المتعارف عليها دوليًا".
ويأتي الإعلان الحوثي الجديد في توقيت حرج، بالتزامن مع تحركات دبلوماسية للمبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، الذي شدد مؤخرًا على ضرورة تفادي التصعيد الاقتصادي والمالي بين الأطراف اليمنية، لا سيما في ظل استمرار الانقسام النقدي وغياب آليات توحيد السياسات المالية.
ويحذر مراقبون من أن إقدام الحوثيين على إصدار المزيد من العملات المعدنية خارج إطار البنك المركزي المعترف به، لا يمثل حلاً لأزمة التآكل النقدي، بل يعكس إفلاسًا اقتصاديًا وانعدامًا للحلول الحقيقية، كما يُفاقم من فوضى التعاملات المالية ويقوّض فرص أي تسوية اقتصادية شاملة.
ويرى خبراء أن استمرار الحوثيين في هذا النهج يؤكد أن الجماعة لا تسعى لمعالجة الأسباب الجذرية لأزمة السيولة والنقد، بل تعتمد على حلول ترقيعية تستهدف ترسيخ واقع الانقسام النقدي وتكريس سلطة الأمر الواقع، حتى وإن كان ذلك على حساب ما تبقى من ركائز الاقتصاد اليمني المنهك.