تحول عيد الفطر المبارك في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي إلى مشهد من المعاناة والشلل، بعد أن تسببت شحنة كبيرة من البنزين المغشوش، ضختها المليشيا مؤخراً في السوق المحلية، في تعطّل آلاف المركبات وإلحاق أضرار جسيمة بمحركاتها، وسط غضب شعبي واسع وتجاهل رسمي كامل من سلطات الحوثيين.
وتداول ناشطون شكاوى لمواطنين في صنعاء، وذمار، وإب، وعمران، وريمة، والمحويت، والحديدة، وصعدة، تفيد بتعرض سياراتهم لأعطال مفاجئة أثناء تنقلهم خلال إجازة العيد، خاصة في الخطوط العامة وأثناء التنزه والزيارات العائلية.
وقال مالكو مركبات إنهم لاحظوا ضعفًا مفاجئًا في أداء المحرك بعد التزود بالوقود من المحطات العاملة تحت إشراف المليشيا الحوثية، قبل أن تتوقف السيارات كلياً ويكتشفوا وجود أعطال في الفلاتر والبخاخات والمحركات بسبب "خلل في نوعية البنزين".
في مختلف المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، شهدت ورش صيانة السيارات ازدحاماً غير مسبوق، فيما تضاعفت أسعار قطع الغيار والزيوت، وسط استغلال واضح للوضع من قبل التجار المقربين من الجماعة.
وأكد ميكانيكيون في صنعاء وإب وذمار أن البنزين الذي ضُخ مؤخراً في المحطات يحتوي على شوائب ومواد كيميائية تؤدي إلى تآكل أجزاء المحرك.
وقال أحد الفنيين في صنعاء: "هذه ليست حالة فردية.. كل من استخدم البنزين الجديد أصيبت سيارته بعطل مباشر أو تدريجي".
مصادر ملاحية وتجارية كشفت أن الكارثة بدأت عندما قامت شركة تتبع قيادات نافذة في مليشيا الحوثي بتفريغ شحنة كبيرة من البنزين في ميناء رأس عيسى بمحافظة الحديدة، قبل نحو ثلاثة أسابيع، رغم تقارير تؤكد أن الشحنة غير مطابقة للمواصفات الفنية ومعايير الجودة.
ورغم الكارثة التي سببتها تلك الشحنة، أقدمت المليشيا يوم السبت الماضي على تفريغ سفينة جديدة تحمل بنزينًا من نفس النوع وللشركة ذاتها، ما يعكس استهتاراً كاملاً بالنتائج الكارثية التي لحقت بعشرات الآلاف من المواطنين.
وتعكس الحادثة حجم الفساد المنظم داخل أجهزة الحوثيين، حيث باتت تجارة الوقود أحد أبرز مصادر الدخل لقيادات الجماعة التي تحتكر قطاع المشتقات النفطية وتمنع أي رقابة حقيقية على الشحنات الواردة.
وتساءل مواطنون وناشطون: من يحاسب هؤلاء؟ ولماذا لا يتم التحقيق في الكارثة التي خلفت شللاً شبه كلي في الحركة خلال أيام العيد، في وقت تواصل فيه الجماعة رفع أسعار الوقود وفرض جبايات على المحطات والمستهلكين.
وتشير التقديرات الأولية إلى أن إصلاح الأضرار التي لحقت بالمركبات نتيجة البنزين المغشوش تتراوح بين 150 إلى 600 ألف ريال يمني للمركبة الواحدة، في بلد يعاني سكانه من انهيار اقتصادي ومعيشي غير مسبوق.
وفي صنعاء وحدها، قدرت ورش الصيانة عدد المركبات المتضررة خلال الأيام الماضية بأكثر من 15 ألف سيارة، فيما لا تتوفر أي آلية لتعويض المتضررين، وسط تجاهل تام من سلطات الحوثيين الذين ينشغلون بتبرير الجريمة أو إنكار وقوعها.
منظمات حقوقية وناشطون إعلاميون دعوا إلى فتح تحقيق دولي مستقل في القضية، باعتبارها جريمة إهمال جسيم وفساد ممنهج، مطالبين الأمم المتحدة والمنظمات المعنية بحماية المستهلك بممارسة ضغوط على المليشيا للكشف عن المتسببين في الكارثة وتعويض المتضررين.
كما دعوا إلى نشر قائمة سوداء بأسماء الشركات المتورطة في استيراد المشتقات المغشوشة، ومنعها من التعامل في الأسواق اليمنية، محذرين من استمرار الكارثة وتوسع رقعتها إلى محافظات أخرى في الأيام المقبلة.