بكل وسائل التباهي الزائفة ومطلق الأريحية، تتصدر مليشيا الحوثي الانقلابية واجهة المشهد اليمني، بل والعربي والعالمي أحياناً، بادعاء الدفاع عن غزة والفلسطينيين ومواجهة القوى العالمية المستكبرة، ومن يوم لآخر ترفع تلك الادعاءات الزائفة شأنها لدى العامة والخاصة في الداخل والخارج، بينما قوى الشرعية مجتمعة تتابع هذا الفيلم المخرج بعناية فائقة، وكأنها متفرج مرفه يقبع في درجة عالية من درجات السينما ويكاد يصيبه الملل وهو ينتظر انتهاء الفيلم ليقصد باب السينما مغادراً..!!
هناك تواطؤ واضح تجاه ما يحصل في اليمن، والشرعية باعتبارها طرفا أساسيا يعول عليه اليمنيون في مواجهة الانقلاب، تبدو وكأنها قد غدت طرفا في هذا التواطؤ وجزءاً منه، وليس طرفا في أزمة الانقلاب..!! فلولا التراخي من قبلها تجاه الانقلاب وسلبية الموقف الذي تعطل تقريبا منذ ما يقرب من أربع سنوات، لما وجد الحوثي فرصة أو مساحة يستطيع النفاذ منها ليدعي شيئا، أو ليكون شيئا يكاد يذكر، ولانشغل بمحاصرة وملاحقة الشرعية له ومحاولات إسقاطه، وهو الإسقاط الذي ربما لا يحتاج لمحاولات كثيرة لو اعتزمت الشرعية فعل ذلك بكل جدية..!!
مجدداً ومكرراً ومعاداً فإن التهاون الذي يلمس من جهة الشرعية تجاه استمرار الانقلاب، يذهب بعيدا باتجاه تعزيز الاعتراف بالحوثي كسلطة أمر واقع.. وهذا التهاون ليس من ضعف في الحيلة والقوة، وإنما تكمن وراءه أسرار سيئة على المستويين الداخلي والخارجي.. غير أنه تهاون لن يتضرر أحد منه بالدرجة الأولى أكثر من الشرعية ذاتها، وذلك باعتبار أن تضرر الشعب من الانقلاب وسلطته ونتائجه قد بلغ ذروته، ولا أعتقد أن هناك أسوأ مما بلغه الشعب من آثار هذه الانقلاب.. فلا الشعب سيتغير عليه شيء من استمرار الانقلاب أو الاعتراف الخارجي بسلطة أمر الواقع الحوثية، ولا الخارج سيمسه ضرر من ذلك..
بل على العكس فهناك أطراف خارجية يلزمها التقارب مع الحوثي والاستفادة من استمراره على الساحة على صعد مختلفة، منها العسكري والسياسي والاستراتيجي وحتى الاقتصادي.. ولو ذهبنا للتدقيق أكثر فإن استمرار هذه المليشيا يدعم بالدرجة الأولى استمرار اعتماد الغرب على المليشيات في تهديد استقرار المنطقة، وهو الأمر الذي يتماشى مع سياسات ذلك الغرب ومصالحه في المنطقة.. وفي النتيجة واعتمادا على كل ما سبق فإنه من الواجب إيقاظ الشرعية من سباتها الوخيم، وقرص أذنها لتحذيرها وتذكيرها بأنها الخاسر الوحيد من بقائها في موضع المتفرج السلبي.. اللهم فاشهد.