لم يكن يوم الـ21 من مارس عام 1942 يوما عاديا شهدت فيه اليمن ميلاد رجلٍ عادي أو رقم يضاف إلى قائمة سجناء الظلام الكهنوتي، ولكنه شهد ميلاد رجلٍ شهدت البلاد بعد ميلاده الكثير من الأحداث وما إن بلغ العشرين من العمر حتى أشرقت شمس الحرية معلنة ميلاد الواقع الجديد.
ولد علي عبدالله صالح مواطنا يشبه اليمنيين وجهاً وملامحا ومعاناه، في شخصه اجتمعت إرادة أمة وأحلام شعب يتطلع للانعتاق والانتصار لإنسانيته وحقه في الحياة وصنع واقعه الأفضل وكيانه السياسي غير المنقوص ودولته المستقلة التي تحفظ حقه في العيش الكريم.
لم يكن علي عبدالله صالح في واجهة المشهد السياسي والعسكري لليمن لكن ولأن النجوم تشرق في الليالي الحالكة سطع نجمه وأصبح وحده كل المشهد، ليشهد اليمنيون بعد انتخابه رئيسا للجمهورية في الـ17 من يوليو عام 1978م الميلاد الحقيقي للجمهورية والكيان السياسي والوطن المستقل خارطةً وقرار.
وفي الوقت الذي كان اليأس ومخاوف الفشل تسكن قلوب أكثر المتفائلين أثبت علي عبدالله صالح أنه المنقذ في زمن انهيار الدولة وتلاشي مؤسسة الحكم، والسياسي الفذ القادر على إنهاء الصراعات الدامية ورأب التصدعات في الصف الجمهوري واغلاق ملف الخلافات والأحقاد التي ظلت تعصف باليمن واليمنيين.
وإذا ما توقفنا لقراءة المشهد السياسي -آنذاك- فسنجد أن اليمن التي كانت -في عهديها الملكي والجمهوري لأكثر من سبعين عاماً- نصف خارطة ونصف دولة ونصف وطن ونصف كيان يدور في فلك قوى سياسية إقليمية ودولية، لم تعد كذلك بعد وصول الرئيس الجمهوري السادس في الـ17 من يوليو والذي مثل يوم انتخابه يوماً لميلاد وطن ورؤية وطنية مستقلة أنهت عقودا من التبعية والشتات السياسي وأخرجت اليمنيين من تيه الأيدولوجيات وانتقلت بهم إلى الغد والوطن الكبير.
لم يكن الزعيم علي عبدالله صالح سياسيا عادياً، أو رئيساً يضاف إلى قائمة سابقيه من الرؤساء، ولم يكن رقة تتلاعب بها قوى إقليمية ودولية بقدر ما كان السياسي المحنك الذي تلاعب بكل الأوراق وانتقل باليمن من المجهول إلى المعلوم وحرر القرار السياسي من الارتهان والتبعية وحول اليمن من فصلٍ ثانوي في ملفات السياسة الإقليمية والدولية، إلى وطن مستقل يمتلك قرارا فاعلا في المحافل العربية والدولية.
وإذا ما تذكر اليمنيون علي عبدالله صالح فإنهم يتذكرون الرئيس الموحد في زمن التمزق والشتات، الرئيس الديمقراطي في زمن الديكتاتوريات والمتسامح في زمن الحقد والفوضى، وصانع إنجازات اليمن العظيمة، يتذكرون اليماني الحر الذي ولد ثائرا وعاش مناضلاً واستشهد مدافعا عن الوطن وحق اليمنيين في الحياة.