كشفت العقوبات الجديدة التي فرضها مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية أن قادة الحوثيين نسقوا بشكل حثيث مع المسؤولين الروس والصينيين لضمان عدم استهداف سفنهم خلال الهجمات البحرية المستمرة التي تقوم بها جماعة في البحر الأحمر.
ووفقا لوثائق وزارة الخزانة، فقد ضمن محمد علي الحوثي، وهو عضو بارز في المجلس السياسي الأعلى للحوثيين، صراحة المرور الآمن للسفن الروسية مع استمرار القيام بهجمات بالطائرات المسيرة والصواريخ على السفن التجارية الأخرى في المنطقة. كما كان الحوثي يخطط لإجراء مناقشات مع مسؤولين روس بشأن المساعدات العسكرية لجماعة الحوثيين.
وذكر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في إعلانه: "وسط حملة الهجوم البحري المستمرة للحوثيين، يواصل محمد علي الحوثي مع مسؤولين من روسيا وجمهورية الصين الشعبية ضمان عدم قيام المسلحين الحوثيين بضرب السفن الروسية أو تلك التابعة لجمهورية الصين الشعبية التي تعبر البحر الأحمر". وأضاف بالقول: "أوضح محمد علي الحوثي، بينما كان يتحدث باسم الحوثيين، التزام الحوثيين بضمان المرور الآمن للسفن الروسية".
وهاجم الحوثيون المدعومون من إيران، منذ شهر نوفمبر 2023، أكثر من 100 سفينة تجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، زاعمين أنهم يستهدفون السفن المرتبطة بإسرائيل وحلفائها لدعم الفلسطينيين في الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة.
ودفعت هجمات الحوثيين العشوائية شركات خدمات الشحن الرئيسية إلى تغيير مسارها بالانعطاف حول رأس الرجاء الصالح، مما أدى إلى زيادة التكاليف وتعطيل سلاسل التوريد. وبالرغم من توقف الهجمات في خضم وقف إطلاق النار الحالي في غزة، إلا أن شركات خدمات الشحن لا تزال مستمرة إلى حد كبير في تحويل مسار رحلاتها.
وتؤكد تدابير مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التقارير السابقة التي تفيد بأن الحوثيين في اليمن أبرموا اتفاقيات مع الصين وروسيا تسمح لسفنهم بالإبحار عبر المنطقة دون التعرض للهجوم. ومع ذلك ، فإن هذه التأكيدات لم تمنع تماما الهجمات على السفن المرتبطة بأي من الدولتين، أو على الأقل تلك التي تحمل بضائعها.
وجاءت التسريبات الجديدة من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية كجزء من طائفة أوسع من العقوبات التي جرى الإعلان عنها يوم الأربعاء ضد سبعة أعضاء حوثيين رفيعي المستوى، بما في ذلك أولئك الذين شاركوا في شراء الأسلحة والعمليات البحرية.
وقال وزير الخزانة سكوت بيسينت: "أظهر قادة الحوثيين تصميمهم على مواصلة أعمالهم المتهورة والمزعزعة للاستقرار في منطقة البحر الأحمر". مضيفا بالقول: "ستستخدم الولايات المتحدة جميع الأدوات المتاحة لتعطيل الأنشطة الإرهابية للحوثيين وإضعاف قدراتهم على تهديد الموظفين الأمريكيين وشركائنا الإقليميين والتجارة البحرية العالمية".
وتكشف العقوبات عن شبكة معقدة من التعاون الحوثي الروسي، بما في ذلك البعثات الدبلوماسية المتعددة إلى موسكو. وكان لمحمد عبد السلام، المتحدث باسم الحوثيين، ومقره سلطنة عمان، دورا أساسيا في تنسيق مشتريات الأسلحة من روسيا، بما في ذلك ترتيب اجتماعات مع موظفي وزارة الخارجية الروسية.
وفي تطور مثير للقلق بشكل خاص، كشفت وزارة الخزانة أيضا عن قيامهم بعملية تهريب للبشر، حيث قام أفراد تابعون للحوثيين بتجنيد مدنيين يمنيين بحجج كاذبة للقتال لصالح روسيا في أوكرانيا. وقد حقق هذا المخطط، الذي تديره شركة الجابري للتجارة العامة والاستثمار، إيرادات إضافية لعمليات المقاتلين الحوثيين.
وتأتي هذه العقوبات في أعقاب تدابير متعددة قام بها مكتب مراقبة الأصول الأجنبية طوال عام 2024 تستهدف شبكات شراء الأسلحة الحوثية. وين الأمس، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية عن إعادة تصنيف أنصار الله، الاسم الرسمي للحوثيين، كمنظمة إرهابية أجنبية. وتأتي إعادة تصنيفهم بعد أن أزالت إدارة بايدن السابقة الحوثيين من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية في شهر فبراير 2021 بسبب مخاوف إنسانية في اليمن، لتقوم بتصنيفهم مرة أخرى بصفتهم "إرهابيين عالميين محددين بشكل خاص" ليس إلا، وذلك في أوائل عام 2024 ردا على تصاعد الهجمات البحرية.
وبموجب هذه العقوبات الجديدة، يتم تجميد جميع أصول الأفراد المدرجين في العقوبات في الولايات المتحدة، ويحظر على الأشخاص الأمريكيين إجراء معاملات معهم. بالإضافة إلى ذلك، تخاطر المؤسسات المالية الأجنبية بالتعرض للعقوبات في حال تعاملت مع هؤلاء الأشخاص المدرجين في القائمة.
ويمثل تأكيد مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، على استهداف الحوثيين الانتقائي للسفن على أساس جنسيتها، تطورا مهما في أزمة البحر الأحمر المستمرة، مما يبرز تعزيز العلاقات بين الحوثيين والمصالح الروسية والصينية في المنطقة.