لو راجعنا ذكرياتنا قليلاً فلن يفوتنا مثلاً أن منطقة رداع وجبالها اعتبرت وما تزال تعتبر، لدى الاستخبارات الأمريكية، مخابئ مزعومة لشخصيات وقيادات محسوبة، على القاعدة وداعش، شخصيات تمردت على العلاقة القائمة بين المنشئ والراعي (أمريكا) والأجير والمنفذ (المليشيات).
وقد حاولت الاستخبارات الأمريكية ملاحقة هذه القيادات بغارات جوية مباشرة، ثم عبر نظام الرئيس الأسبق صالح، والذي استطاع التملص بنجاح من هذه المهمة، لتبدأ رحلة خصومته مع الأمريكان، ومحاولات استهدافه من قبلهم.. ثم بعد ذلك تمت المطاردة والرصد عبر قوات الرئيس السابق عبدربه ومليشيات الإصلاح، وها هم الأمريكان اليوم يجدون من يمكن تجنيده لمهمتهم المزعومة، في إطار تعاون خفي يكشفه مرور الزمن وأحوال الواقع المعاش اليوم.. هاهم يجندون جماعة الحوثي في عملية مطاردة يعتبرها الكثيرون وهمية، وهدفها غض النظر عن الواقع الحقيقي الذي يفرضه الغرب في المنطقة وتحديدا في اليمن.. عملية يذهب اليمنيون ضحيتها دون حساب أو اعتبار..!!
وهذا من جانب إجرائي ربما يفسر بطريقة ما السر وراء الاستهداف الدائم لرداع وتدميرها وقتل أبنائها.. أما من جانب آخر ففي هذه الأحداث وتسلسل مهامها ما يؤكد من جانب عالي الأهمية، العلاقة التي تحاول أن تتخفى وراء الأحداث وتحت طاولتها، بين الاستخبارات الأمريكية ومليشيا الحوثي الإرهابية، وتبرر استمرار الانقلاب الحوثي في المناطق الشمالية من اليمن، رغم توفر الظروف والإمكانات الكفيلة، لدى الشرعية وأحلافها في الداخل والخارج، بإنهاء هذا الانقلاب منذ وقت مبكر.. وهذا بالتالي مما يؤكد أن جماعة الحوثي، إن لم تكن بديلاً للمليشيات التي تستخدمها أمريكا في إثارة الفوضى والقلاقل المطلوبة في المنطقة، فليست إلا عنصراً جديداً ينضاف لتلك القوى المليشاوية التي تستأجرها وتستخدمها أمريكا في مشروعها التفكيكي والتدميري في المنطقة عموماً..
ولعل رؤية سريعة وموجزة في ما حدث ويحدث مؤخراً، خصوصاً فيما يتعلق بوضع مليشيا الحوثي الانقلابية، وما أصبحت عليه من حضور مفتعل ومدعوم دون أدنى شك، والتغاضي عما أصبحت تشكله من تهديد مزعوم على أمن واستقرار المنطقة برا وبحرا وجوا، رغم محدودية قدراتها وإمكانية تصفيتها وإنهاء شرها لو ترك الأمر لجزء بسيط من قوات الشرعية، ولو لم تحل دون ذلك التدخلات الخفية، أو بالأصح الخدمات غير المجانية التي تقدمها أمريكا وأحلافها للمليشيا الانقلابية المتمردة، بشكل غير مباشر، وربما أحيانا بشكل مباشر إن تطلب الأمر.. قراءة أو نظرة عابرة في كل ذلك وآثاره ولوجهة المصلحة من بقاء هذه المليشيا، ستكشف بوضوح وسهولة أن مليشيا الحوثي لم تكن لتكون شيئاً، لولا وجود ذلك العامل الخفي الذي تفعله أمريكا وأحلافها خدمة لمصالحها الخاصة في المنطقة.