محلي

أزمة البحر الأحمر تتطلب نهجا استشرافيا لحل المشكلة اليمنية

"معهد الشرق الأوسط" الأمريكي - ترجمة اليمن اليوم:

|
11:26 2025/01/02
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

يصادف هذا العام انقضاء عقد من الصراع في اليمن، وفي حين أن الفواعل قد تغيرت بشكل كبير في السنوات الثلاث الماضية، فإن السلام لا يزال بعيد المنال، إذ يشهد الاقتصاد اليمني تدهورا مستمرا، حيث يحتاج ثلثا السكان إلى مساعدات إنسانية، في ظل نزح 4.5 مليون يمني.

ففي عام 2021، صعد الحوثيون من هجومهم، وحققوا مكاسب إقليمية كبيرة وتقدموا نحو مدينة مارب، موطن البنية التحتية للنفط والغاز الطبيعي في اليمن، وآخر معقل للحكومة اليمنية في الشمال.

كما زادت هجماتهم العابرة للحدود من حيث عددها ووتيرتها، مع زيادة بنسبة 56٪ في الهجمات المشتركة بالطائرات المسيرة والصواريخ خلال ذلك العام، وقد سمحت هذه الأحداث للحوثيين بإملاء شروط الحرب وشكلت نقطة تحول في الصراع.

أجبر العدوان المستمر عبر الحدود المملكة العربية السعودية على إعادة تقييم مشاركتها في اليمن، مما أدى إلى وقف إطلاق النار، الذي ترعاه الأمم المتحدة، في أبريل 2022.

كانت المحادثات السعودية الحوثية- إلى جانب نقل السلطة من الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى مجلس القيادة الرئاسي، المكون من ثمانية أعضاء- تهدف إلى تمهيد الطريق لمفاوضات سياسية شاملة، وبالرغم من هذه الجهود، ظل السلام هدفا بعيد المنال.

إن صعود الحوثيين إلى السلطة هو جزئيا نتيجة مباشرة لاستجابة المجتمع الدولي، التي كانت بمثابة ردة فعل علي ما يقومون به، وذلك بالاعتماد على استراتيجيات الاحتواء التي فشلت في تحقيق نتائج.

إذ لم تتمكن الدبلوماسية وحدها من محاسبة الحوثيين على أفعالهم العنيفة، مما يشير إلى الضعف الذي استغله الحوثيون مرارا وتكرارا لتعزيز سيطرتهم.

كما فشلت الضربات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ضد أهداف الحوثيين، والتي تهدف إلى ردع عدوانهم، واستمرت الجماعة في تصعيد هجماتها.

أظهر الحوثيون باستمرار قدرتهم على استخدام المفاوضات أداة للمماطلة وتأجيج العنف كوسيلة لانتزاع تنازلات من الحكومة اليمنية والسعوديين والمجتمع الدولي، وقد سمح هذا النمط، الذي كان واضحا منذ بداية الحرب، للجماعة بتحقيق امتيازات تكتيكية.

وبالمثل، جرى تقويض خارطة طريق الأمم المتحدة التي تم الإعلان عنها في شهر ديسمبر 2023 بسبب تصرفات الحوثيين، بما في ذلك هجماتهم غير المسبوقة على السفن في البحر الأحمر وإسرائيل.

واستدعت هذه الأعمال ضربات انتقامية من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإسرائيل، مما زاد من تعقيد الصراع.

تهدف هجمات الحوثيين، التي وصفت بأنها جزء من "معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس"، ظاهريا إلى الضغط على إسرائيل بسبب حرب غزة، غير أن هذه الأعمال، في الواقع، تظهر طموحات الحوثيين في تأكيد أنفسهم كقوة إقليمية.

فعلى الصعيد الداخلي، أنشأوا نظاما استبداديا دينيا يتسم بالقمع والتعبئة المنهجية، ومن ناحية تكثيف التجنيد الذي يقومون به، أعلن الحوثيون أنهم جندوا 370,000 مقاتل جديد، وفي صيف عام 2024 وحده، تخرج 1.1 مليون طفل من معسكراتهم التدريبية الأيديولوجية، وهذا يؤكد مضيهم بعسكرة المجتمع.

ويبرز الحوثيون، خارجيا، كأكثر الوكلاء الإقليميين كفاءة لدى إيران، لا سيما في ضوء انهيار نظام الأسد في سوريا والضعف الدراماتيكي لحزب الله في لبنان.

إن قدراتهم العسكرية المتنامية، بما في ذلك الأسلحة المتقدمة التي قدمتها إيران لهم، تمكنهم من تهديد الشحن الدولي، كما أنهم ينشؤون "محور التخريب" الخاص بهم، ويقيمون تحالفات مع جماعات إرهابية مثل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وحركة الشباب في الصومال، وداعش.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن التعاون الناشئ بينهم وبين روسيا، بما في ذلك تجنيد المقاتلين وإرسالهم لأوكرانيا ودعم هجمات البحر الأحمر، يسلط الضوء على علاقاتهم العالمية المتنامية، وهذا يضع الحوثيين ليس فقط كخطر محلي، بل وكقوة مزعزعة للاستقرار في جميع أنحاء المنطقة الأوسع نطاقا، مما يقوض المصالح الغربية ويصدر نموذجهم المبتكر.

وقد شجع تعامي المجتمع الدولي عن هذه الحقائق الحوثيين منذ عام 2014، ولا يزال يفعل ذلك حتى اليوم، مما سمح لهم بإعادة تشكيل المشهد الإقليمي بما يتماشى مع طموحاتهم الأيديولوجية.

يجب على المجتمع الدولي، والآن إدارة ترامب القادمة، التعلم من أخطاء الماضي، للتغلب على تعقيدات الصراع في اليمن.

إذ كان صعود الحوثيين إلى السلطة قد عززته استراتيجيات تفاعلية قصيرة المدى فشلت في معالجة طموحات الجماعة الأوسع نطاقا.

وتمثل هذه اللحظة فرصة للولايات المتحدة لتبني نهج استراتيجي ذو تفكير مستقبلي يعطي الأولوية للحلول طويلة الأجل على إدارة الأزمات.

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية