عندما تستهدف عدوا أيا كان ذلك العدو، مع معرفتك بقوته وعلو إمكانياته، بينما أنت لا تمتلك حتى القدرة على تحاشي رده عليك وتقليل أضرار ذلك الرد، فمعنى ذلك أنك سفيه، وأنك تتعمد قصف بلدك وتدميره وإهلاك أهله.. وهو ما فعلته على سبيل المثال حماس في غزة في السابع من اكتوبر 2023م، وما تفعله اليوم جماعة الحوثيين الإرهابية في اليمن.
فمع معرفة هذه الجماعة بأن أي مشاكسة من قبلها حتى بمجرد الكلام لاسرائيل ومن ورائها أمريكا وبريطانيا، سينقلب بنتائجه على اليمنيين وخصوصا الذين يقيمون في مناطق نفوذها، إلا أنها تفعل ذلك وبإمعان وإصرار، غير مبالية بنتائج تلك المشاكسات التي في الغالب تنعكس على عموم اليمنيين ومصالحهم..
وفي حين أصر ومثلي كثيرون على أن هذه الجماعة الإرهابية، تكن العداوة والخصومة لليمنيين، أكثر من خصومتها المدعاة للإسرائيليين، فإنها تجد في تلك المشاكسات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، فرصة مواتية لتصفية حساباتها مع الشعب اليمني، وكأنما تجازيه على سعة صدره وطول صبره على ما تفعله في أبنائه من تنكيل واستقواء وبلطجة وتقييد للحريات وتعسف في المعاملة، ناهيك عن اختطافها للسلطة وتسخيرها لتنفيذ مصالحها المفرطة في الأنانية.. وبالنظر إلى تصرفات هذه الجماعة المارقة، يدرك العليم بالأمور وما وراءها أن الهدف من كل ذلك هو الشعب اليمني وليس ما تدعيه من معاداة مزعومة لاسرائيل وأمريكا..
ولا تفوت الجماعة الإرهابية استغلال الظروف الراهنة في المنطقة العربية والأخذ بالأسباب، لتكسب بكثير من المكر والدهاء المناصرة في الموقف، من قبل عامة الناس الذين يتعاملون مع ظاهر الأمر، ولا يدركون ما وراءه من خفايا وغايات، ومن ضمن ذلك ما يمكنه أن يغض نظر العامة عن تصرفات المليشيا الإرهابية وأطماعها وتفعيل مشروعها الانقلابي على مستوى محيطها الجغرافي والشعبي من جهة، بحيث يساعدها على الاحتفاظ بالسلطة التي اختطفتها وممارسة النهب والإذلال والسحق من خلالها بحق الشعب اليمني، ثم من جهة أخرى تنفيذ مهامها لصالح ربتها ومستخدمتها إيران، التي لها مطامع أكبر وأبشع على مستوى الإقليم..
إن ما تمارسه جماعة الحوثي الإرهابية اليوم بحق اليمنيين لا يقل بشاعة ولا أثرا مما يمارسه الاحتلال الإسرائيلي بحق إخوتنا في فلسطين ولبنان وسوريا من تنكيل وتدمير، بل إنه يسير بالتوازي معه، وكأنما هو جزء منه، ومتمم له، وليس من فائدة ترجى منه لليمنيين ولا للعرب ولا للمسلمين بالمرة.. وإنما يندرج في الأعمال والتصرفات التي تخدم المشروع الصهيوني في المنطقة، من حيث تفعيل الانقلابات والفوضى وتقويض الأنظمة من داخلها، وشغلها بنفسها وبأوضاعها غير المستقرة في الداخل، بدلا من تركيزها على قضاياها القومية والمصيرية، وأحيانا العكس من ذلك، وهو ما تسبب ويتسبب في الفوضى الراهنة في عدد من البلدان العربية وفي الوضع العام في المنطقة..