محلي

انتفاضة 2 ديسمبر.. معركة حياة ضد ثقافة الموت وعقدة الاستعلاء على البشر

أبو بهاء الصليحي

|
03:16 2024/12/01
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

في الثاني من ديسمبر2017 شهد اليمنيون والعالم أجمع انتفاضة شعبية بأسلة كأوضح ما تكون البسالة؛ وتضحية ملهِمة كأسمى ما يكون البذل والبر بالأوطان، خاضها في قلب صنعاء رجال لايهابون الموت ولا تخضّهم الهزات ولايستسيغون المهانة والوصاية على شعبهم، بقيادة رجل من اشجع الرجال، وقائد من أصدق القادة وزعيم لا يتكرر، بصحبة رفيق أمين وجموع من أوفى المؤتمريين وعامة اليمنيين العزل، بعد احتمال وصبرٍ طويل على غطرسة حوثية منتفشة؛ وخناقٍ ضاق بشعبهم.. 

هي قصة انتفاضة عفوية؛ كان فيها الرئيس الشهيد علي عبدالله صالح- زعيمُ أكبر حزب في اليمن- مع رفاقه وحراسه الشخصيين يخاطرون بحياتهم دون أية تغطية، ومن المسافة صفر يواجهون بسلاحهم الشخصي فقط وحشية حوثية كهنوتية متخمة بكل أحقاد الماضي؛ وخصماً مجنوناً لا عقل له ولا عهد ولا أمان؛ ؛ مدججاً بترسانة بلد ومدرعاته ومدافعه ودباباته وأنواع الصواريخ، ومستخدماً كل إمكانيات الدولة بأمنها وجيشها واستخباراتها واتصالاتها وأموالها لمهاجمتهم بشراسة؛ بدلاً من الاستجابة لدعوات الحوار والسلام لحقن الدماء اليمنية ووقف الحرب المدمرة.. وفي معركة غير متكافئة بالمطلق صمدوا صمود الجبال الرواسي لأيام متواصلة دون منام، وقاتلوا حتى الرصاصة الأخيرة.. لم يوقفهم سوى نفاد الذخيرة، وأجسادٍ مثخنة انهكتها ضراوة القصف، وعيونٍ ذابلة من سهر الليالي، وخذلان المرتعشين والمندسين والمتفرجين.. ليستشهدَ من استشهد، ويُجرحَ مَن جُرح، ويُعتقلَ آلافُ المؤتمريين، ويُصعَقَ من صُعِق لفظاعة الجرم ورحيل الزعيم.. لا لشيئ إلا لأنه أراد إنهاء الحرب المبكية من جهة، ووقف العبث الحوثي بالبلد من جهة أخرى، وكبح جنون متفلت وعصبوية موتورة انقلبت على الإجماع الوطني في سبتمبر 2014، لتُنصّب نفسها وصية على يمنيين خلقوا أحرارا، وتقلب حياتهم رأسا على عقب، وتقحم اليمن في أبشع حرب على مر تاريخه، وتعيدهم إلى عهود الإمامة المتخلفة وثالوث الفقر والجهل والمرض، طمعا في سلطة وثروة، وتنفيذاً لأجندة إيرانية عمياء بعمالة فاضحة.

ربما رحل الزعيم صالح واقفا كالأشجار كما وصفه ألد خصومه، مخلفاً الدموع والتحسرات على زمن الدولة المتماسكة وذكريات 33عاما من الأمن والسلام والحوار والتعايش، وإعادة أمجاد سد مارب؛ واستخراج الثروة النفطية ومعجزة الوحدة اليمنية، والحرية والديمقراطية والتعددية، وإرثٍ تنموي مشهود على امتداد خارطة اليمن.. لكنه ترك وراءه شرارة متقدة سرعان ما تلقفتها مقاومة وطنية صانت العهد وحفظت الوصايا.. مقاومة بأسلة حملت البنادق واتجهت الى الخنادق، لتواصل المعركة دون استراحة وتسجل في الساحل الغربي من البطولات والانتصارات على المليشيا الباغية ما عجزت عنه سنوات الحرب والخراب، بشراكة وطنية خالصة وكتفا بكتف مع عمالقةٍ جنوب الوطن وأسود تهامة ودعم عروبي؛ وابطال حرس جمهوري من كل الوطن تناسوا طعنة هيكلة الجيش وأوجاع المرحلة، وتدافعوا أسراباً هادرة لرفد المقاومة تحت راية الجمهورية، وعيونهم فقط صوب عاصمة البلد وطريق استعادة الدولة المختطفة، موجهين بوصلتهم نحو عدو مشترك يستغل الخلافات والخصومات ليبتلع ويتمدد.. وماتزال تحرس مكاسبها ومناطقها المحررة دون تراجع، معتبرة نفسها في مواجهة وطنية مقدسة؛ ومعركة حياة ضد ثقافة الموت والخراب؛ وعقلية القيد والفيد؛ وعقدة الاستعلاء على البشر

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية