يتزايد عدد الأطفال الذين يقعون ضحايا لسوء التغذية الحاد الوخيم في اليمن، وسط انهيار اقتصادي دفع الأسر إلى فقر مدقع.
وتؤكد منظّمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" أن تفشّي الأمراض وانعدام الأمن الغذائي الشديد ونقص الوصول إلى مياه الشرب النظيفة يزيد من سوء التغذية الحاد، الذي يمكن أن يكون قاتلاً إذا لم يتم علاجه، خاصةً في مناطق الساحل الغربي.
وبينما يشكّل سوء التغذية تهديداً صامتاً على ملايين الأطفال في جميع أنحاء العالم، فإنه في اليمن وحدها يعاني 2.4 مليون طفل من سوء التغذية الحاد، ويواجه ما يقرب من 600 ألف حالة خطيرة في ظل استمرار الصراع والحرب التي أشعلها الحوثيون أواخر مارس عام 2015.
ولإنقاذ الأطفال الضعفاء من الانزلاق إلى سوء التغذية، هناك حاجة ماسّة إلى دعم عاجل لتوسيع الاستجابة الشاملة لمنع سوء التغذية وتوسيع خدمات العلاج في حالة فشل الجهود الوقائية.
وتؤكد المنظّمة الأممية في تقرير أن الملايين من الأطفال في اليمن لا يصلون إلى المرافق الصحية بسبب نقص الوصول إلى مرافق الرعاية الصحية وتكاليف النقل، كما أن الوضع خطير بشكل خاص بالنسبة للأسر النازحة.
ووفقاً للتصنيف المرحلي المتكامل لسوء التغذية الحاد، ارتفع عدد الأطفال دون سن الخامسة الذين يعانون من سوء التغذية الحاد بنسبة 34% عن العام السابق ليصل إلى 600 ألف طفل في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية.
وتشير اليونيسف إلى أن مديريات المخا في تعز، والخوخة وحيس في الحديدة على الساحل الغربي شهدت مستويات "حرجة للغاية" من سوء التغذية الحاد (المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل لسوء التغذية الحاد) لأوّل مرة، حيث يعاني أكثر من 30% من الأطفال من سوء التغذية الحاد.
ويقول محمد عصام، طبيب في قسم التغذية بمستشفى المخا، وهو مرفق إحالة يعالج الحالات الشديدة المصحوبة بمضاعفات، إن الفيضانات وانتشار الأمراض في الأشهر الأخيرة قد زاد من تعقيد الوضع.
وبالإضافة إلى نقص الوعي الصحي حول تنظيم الأسرة وأهمية التطعيم، فإن الأمطار الغزيرة قد دمّرت المنازل وشرّدت الأسر. كما أن انتشار الكوليرا والملاريا وحمّى الضنك يزيد من حدة سوء التغذية.
وعادةً ما يستقبل القسم حوالي 100 إلى 120 حالة شهرياً، ولا تكفي الأسرّة الـ 22 في القسم لاستيعاب جميع المرضى.
ويضيف عصام: "نقوم بتجهيز أسرّة مؤقّتة ونحاول استقبال المزيد من المرضى، لكننا نشهد طلباً متزايداً ونحتاج إلى المزيد من الموارد".
ويلفت تقرير اليونيسف إلى أن نقص الوعي بالعناصر الغذائية الصحيحة هو عامل آخر يزيد من تفاقم الوضع.
ولمعالجة الوضع التغذوي المقلق بين الأطفال بشكل فعّال، شدّدت رئيسة قسم التغذية في اليونيسف في اليمن فراجا تشيويلي، على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية لسوء التغذية، بما في ذلك الأنظمة الغذائية غير الكافية، والممارسات السيئة لتغذية الرضّع والأطفال الصغار، وخدمات المياه والصرف الصحي والنظافة غير الكافية.
واعتبرت أن "الحاجة لنهج شامل يشمل التغذية وممارسات التغذية والخدمات الأساسية هو أمر حاسم لضمان بقاء ونمو وتطور هذه الأرواح الشابة الضعيفة".
وتقدّم اليونيسف تكاليف التشغيل لـ 37 مركزا للتغذية العلاجية على مستوى البلاد، بما في ذلك مستشفى المخا وأكثر من 4789 مركز رعاية خارجية.
كما توفّر الغذاء العلاجي الجاهز للاستخدام وتدعم علاج الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم في جميع أنحاء البلاد.