رغم السوداوية المعتمة في حال اليمن، إلا أن اليمنيين لا ييأسون ولا يفشلون في اجتراح مساحاتهم من البياض الناصع، تلك المساحات التي يشعرون فيها بأنهم يتنفسون متغلبين على على جو الاختناق القاتل، والناتج عن عداوات تاريخية، ما تفتأ تكمن لهم هنا وهناك في منحنيات ودهاليز التاريخ الأشد ظلاماً وقتامة..!! مكامن وأشراك عدائية، مثلما لا تعدم من ينصبها من خارج اليمن، لا تعجز أبداً في أن تجد من يتولى بالوكالة والارتزاق من يشارك في تنفيذ مخططاتها الإجرامية الدنيئة.
وعلى الرغم من كل تلك المكامن والمؤامرات، إلا أن اليمانيين، الذين وصفوا بالحكمة والباس الشديد، يجدون في كل مرة ضوالهم، ويهتدون إلى استرجاع بأسهم واستجماع أنفسهم، ليحملوا رايات عزتهم، ويصلحوا شأنهم، ويتخلصوا من كل وعثاء سفرهم وتعب قلوبهم، بحمل راية الوطن الوحد وبيارق عزته وسموه.. وكم من قوة حاولت أن تثقلهم باليأس والبؤس والمعيقات التي تثنيهم عن ذلك ولكن هيهات..
ولأن ذكريات الإنسان اليمني مشبعة بمحطات المجد والسمو والرفعة، فإنهم كما سلف لا يعجزون أبداً عن إيجاد مساحات الاحتفاء والاحتفال، وإن في أكثر منحنيات حياتهم عتمة وسواداً.. وهذا هو بالضبط ما يثير حفيظة أعدائهم كما يحدث مع جماعة الحوثي التخريبية الانقلابية، التي كلما اعتقدت أنها قادرة على طمس التاريخ وتزييف صفحاته المشرقة، وخنق كل ابتسامة ممكن أن تلوح على وجه الوطن، جاءت مناسبة لتهدم أبراج أحلامها وأمنياتها القشية..!!
فكلما احتفى اليمنيون بمناسبة وطنية، بدت جماعة الحوثيين الإرهابية وكأنها تتلقى ضربة أو صاعقة على رأسها المتورم، تجعل قلبها يرجف رعباً، وتهز كيانها الكرتوني المؤقت حد الانهيار.. ولأنها جماعة متمردة وفاسدة، وتتلقى أجراً كبيراً لقاء مساعدتها في تدمير اليمن، فسرعان تنهزم وتمرض وتشارف على الموت، بمجرد أن تدرك أنه ما يزال هناك مناسبات ومواعيد تجمع اليمنيين، وتوقد أفراحهم وتضيء ابتساماتهم وتوحد كلمتهم، لأن ذلك يتعارض تماماً مع المشروع التخريبي لهذه الفئة الباغية المرتزقة..
وكلما شعر قادة وأعضاء هذه الجماعة بأنهم بدأوا يتعافون من آثار مناسبة وطنية، وجدوا أنفسهم على سرير المرض والغضب والكراهية مجدداً، نتيجة لاحتفاء اليمنيين بمناسبة وطنية ووحدوية أخرى.. وكأنما المناسبات السعيدة التي تجمع كل اليمنيين مصرة على أن تقف لهم بالمرصاد وتدك كل ما بذلوه من الجهد والوقت من أجل بنائه من زيف وخزعبلات وأمان سرعان ما تتحول إلى غبار ..
ومن هذا المنطلق فإن على هذه الجماعة الانقلابية وعلى كل من يؤمن بها أو يؤمل فيها ولو جزءا من خير، إدراك حقيقة لا مناص منها وهي أن الحوثية ستظل مجرد طفرة ناتئة وجماعة تخريبية نافرة ومستنفرة، جماعة ضالة وجدت لتؤدي دوراً تخريبياً معيناً، في جسد وطن يمر ربما بأزمة صحية، سيتعافى منها ككل مرة، ويواجهها بذات القوة التي يعود بها، وأن عليها أن تتوقف عن الحلم القائم على خرافات وأمان لا مكان لها في الواقع..
في الغد القريب يتخلى خصوم اليمن عن خصومتهم يائسين، ويتوقفون عن مساندة هذه الآفة المليشاوية متبرئين منها، لتجد نفسها منفردة أمام هذا الشعب، الذي استنفدت لديه كل فرصها من العفو والتغاضي، وأنها ستلاقي عقاباً لم يلاقيه أحد من قبلها.. وكما يقال دائماً فإن غدا لناظره قريبٔ.