تعمل ميليشيا الحوثي في اليمن على تنويع علاقاتها إلى خارج إيران وشركاء محور المقاومة الآخرين، مما يزيد من استقلاليتها العملياتية.
وتعمل روسيا على توسيع علاقاتها الاستراتيجية مع الحوثيين كوسيلة ضغط ضد الدعم العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة لأوكرانيا، في حين تحاول تجنيب علاقاتها الإقليمية الراسخة من التهتك.
أقام الحوثيون علاقات مع حركة الشباب المتشددة في الصومال من أجل مضاعفة الخطر الذي تشكله الجماعة الحوثية على نقاط اختناق الشحن العالمية.
وقد حصلت شبكات المشتريات الحوثية على التكنولوجيا الرئيسية من الصين، برغم ما تمثله هجمات الحوثيين على الشحن في البحر الأحمر من تهديد لتجارة الصين مع أوروبا.
ومنذ هجوم حركة «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر، برزت ميليشيا الحوثي باعتبارها واحدة من الأعضاء الأكثر نشاطا وقوة في "محور المقاومة" الإيراني، حيث هاجمت الشحن التجاري في البحر الأحمر وتحدت الجهود التي يبذلها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لتدمير ترسانة الحركة.
ومع ذلك، لطالما قيم الخبراء الإقليميون الحوثيين على أنهم حريصون على قبول المشورة وشحنات الأسلحة من إيران، وفي الوقت نفسه يحددون سياساتهم الخاصة ويقاومون توجيهات طهران.
وعلى عكس أعضاء المحور الآخرين، يقسم الحوثيون بالولاء لقيادتهم، وليس للمرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، ولديهم طموحاتهم الإقليمية الخاصة المنفصلة والمتميزة عن إيران، ويساعد تنويع شراكاتهم الإقليمية والعالمية على تقليل اعتماد الحوثيين على طهران.
جعلت مكانة الحوثيين الصاعدة من الجماعة شريكا جذابا للجهات المؤثرة الإقليمية والعالمية التي تسعى إلى قلب النظام السياسي والأمني والاقتصادي الذي يرون أن الولايات المتحدة وحلفاؤها يهيمنون عليه، وتعمل روسيا، على وجه الخصوص، على توسيع علاقاتها مع الحوثيين، معتبرة الجماعة أداة مفيدة لتطوير النفوذ ضد الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين.
وتشكل هجمات الحوثيين على الشحن التجاري في البحر الأحمر خطرا للاقتصادات الأوروبية والأمريكية أكبر بكثير مما تشكله على روسيا، التي تقوم بمعظم تجارتها باستخدام البر.
وبالإضافة إلى ذلك، أصبحت روسيا تعتمد، إلى حد ما، على الإمدادات الإيرانية من الطائرات المسلحة المسيرة لاستخدامها ضد أوكرانيا.
وأكد مسؤولون أمريكيون هذا الشهر أن إيران شحنة صواريخ باليستية قصيرة المدى إلى الجيش الروسي لاستخدامها ضد مواقع الخطوط الأمامية للجبهة الأوكرانية، ما يجعل علاقة روسيا مع الحوثيين ودعمها، الحليف الرئيسي لإيران، إحدى الوسائل العديدة التي يمكن لموسكو من خلالها ضمان استمرار استجابة طهران لطلبات الكرملين للحصول على إمدادات أسلحة إضافية.
غير أنه مع ذلك، فإن الحوثيين هم أيضا خصوم لدول إقليمية رئيسية، لا سيما المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، اللتان يعتبرهما الكرملين شريكين في العديد من القضايا، بما في ذلك سياسة إنتاج النفط العالمية.
كما سعت موسكو إلى تجنب قطع العلاقات مع إسرائيل، جزئيا لردع الإسرائيليين عن تزويد أوكرانيا بأنظمة دفاع جوي وصاروخي متقدمة، مثل القبة الحديدية. وبالرغم من أنهم ينظرون إلى الحوثيين على أنهم مفيدون بشكل متزايد لأهدافهم العالمية، إلا أن القادة الروس اضطروا إلى الحد من علاقاتهم مع الجماعة من أجل عدم إحداث خلاف مع شركاء روسيا الإقليميين الآخرين.
من المحتمل أن تكون حاجة روسيا إلى عدم انقطاع علاقتها مع المملكة العربية السعودية تقف وراء قرارها المزعوم بإلغاء تسليم الصواريخ والمعدات العسكرية الأخرى إلى الحوثيين في أواخر يوليو.
وبحسب ما ورد وافقت روسيا على الشحنة للرد على قرار واشنطن بتخفيف القيود المفروضة على استخدام أوكرانيا للمدفعية بعيدة المدى التي قدمتها لها الولايات المتحدة لضرب أهداف داخل الاتحاد الروسي.
وجاء انسحاب روسيا من البيع وسط ضغوط من المسؤولين السعوديين والأمريكيين الذين هددوا الكرملين بعواقب وخيمة إذا مضى قدما في تسليم الأسلحة للحوثيين، وفقا لمصادر متعددة ل CNN.
وقالت المصادر إن السعوديين ، الذين تعرضوا لهجمات متكررة بالصواريخ الحوثية وهجمات بالطائرات المسلحة المسيرة لسنوات، قبل أن تساعد الولايات المتحدة في التفاوض على هدنة هشة في عام 2022 ، أخذوا زمام المبادرة في تحذير روسيا من تسليح الحوثيين ، بعد علمهم بالخطط.
ومع ذلك، لم تتسبب شحنة الأسلحة التي جرى إبطالها باتخاذ قرار من القادة الروس بتجنب الحوثيين تماما، أو دعم الجهود الغربية لإجبار الجماعة على وقف التصعيد في البحر الأحمر.
ووفقا لمجموعة من المصادر، نشرت روسيا بدلا من ذلك أفرادا عسكريين في اليمن للمساعدة في تقديم المشورة للحوثيين على مدى ثلاثة أيام في أواخر شهر يوليو الماضي.
وبحسب ما ورد لاحظت المخابرات الأمريكية سفنا روسية كبيرة وهي تتوقف بشكل غير عادي في جنوب البحر الأحمر، حيث قامت بإنزال أفراد روس في قارب حوثي نقل الروس إلى اليمن.
وبحسب ما ورد يشعر المسؤولون الأمريكيون بالقلق من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يقرر ثانية بتزويد الحوثيين بالأسلحة، ربما كوسيلة لثني الولايات المتحدة عن الموافقة على طلب أوكرانيا بالسماح لها بضرب عمق الأراضي الروسية.
ويرى خبراء عالميون أن دعم روسيا المتزايد للحوثيين يتسق مع النمط الأخير لسياسات موسكو في المنطقة، بما في ذلك قرارها في عام 2015 بالتدخل عسكريا في سوريا لإنقاذ نظام بشار الأسد، ودعمها للرجل القوي في شرق ليبيا الجنرال خليفة حفتر، والسماح لشركة "مجموعة فاغنر" العسكرية الروسية الخاصة بمساعدة قوات الدعم السريع شبه العسكرية التي تقاتل القوات المسلحة السودانية منذ منتصف عام 2023.
وإلى جانب ما يعتبره المسؤولون الأمريكيون توسعا مزعجا في العلاقات مع موسكو، يبدو أن الحوثيين طوروا علاقات مع حركة الشباب الصومالية المسلحة، التابعة لتنظيم القاعدة والتي لا تزال تسيطر على أراض في الصومال وتواصل محاربة الحكومة الصومالية وتنفذ هجمات إرهابية هناك وفي أجزاء أخرى من شرق أفريقيا.
إن نطاق مساعدة الحوثيين لحركة الشباب الصومالية ليس واضحا تماما، إذ تشير بعض التقارير إلى أن الجماعة أعادت تصدير بعض الأسلحة الإيرانية التي تلقتها إلى جماعة الحوثيين.
وقال أحد الخبراء، ويدعى جوليد أحمد، الباحث في شؤون القرن الأفريقي في معهد الشرق الأوسط، إن الحوثيين أرسلوا ثلاثة مهندسين إلى مقاتلي الشباب في جنوب الصومال لمساعدتهم على صنع أسلحة وقنابل متطورة.
وقال بعض كبار مسؤولي الدفاع الأمريكيين للصحفيين إن التعاون مع الحوثيين قد يمكن حركة الشباب من تقويض المكاسب الإقليمية التي حققها الجيش الوطني الصومالي ضد الجماعة خلال العامين الماضيين.
ويقدر المسؤولون الأمريكيون أن الحوثيين ينظرون إلى التعاون مع الإرهابيين الصوماليين على أنه يخدم أهداف الحوثيين التي تبدو وكأنها تشكل خطرا أكبر من أي وقت مضى للجهود الأمريكية والبريطانية لتأمين البحر الأحمر من الهجمات.
كما يبدو أن الحوثيين يستغلون تعاون الصين مع روسيا ودول الجنوب العالمي لتقويض الهيمنة التي تقودها الولايات المتحدة على النظام العالمي القائم على القواعد.
ومن غير المعروف فيما إذا كانت الصين تقدم المشورة أو تسلح للحوثيين، لكنها على ما يبدو غضت الطرف عن جهود الحوثيين في شراء التكنولوجيا المتعلقة بالأسلحة من جمهورية الصين الشعبية، كما لم تساعد الصين عمليات الأمن البحري التي تقودها الولايات المتحدة لتأمين البحر الأحمر من هجمات الحوثيين، والتي تهدد الطريق الرئيسي الذي تصل من خلاله صادرات الصين إلى أوروبا.
وأرسلت الصين سفنا حربية قبالة الساحل اليمني، لكنها رفضت الرد على نداءات الاستغاثة من السفن التي ضربتها صواريخ الحوثيين والطائرات المسيرة، وبدلا من ذلك أذعنت بالكامل للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لمساعدة السفن المنكوبة وطواقمها.
فرض المسؤولون الأمريكيون عقوبات على العديد من الأفراد والكيانات لمساعدتهم الحوثيين في شراء التكنولوجيا الرئيسية المتعلقة بالأسلحة من جمهورية الصين الشعبية، ويبدو أنهم يؤكدون أن الحكومة الأمريكية قد حصلت على معلومات استخباراتية دقيقة حول المعاملات المتعلقة بالحوثيين هناك.
ففي منتصف شهر يونيو الماضي، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على شخص مرتبط بالحوثيين مقيم في جمهورية الصين الشعبية وشركته التي تتخذ من الصين مقرا لها، وهي شركة قوانغتشو تسنيم التجارية المحدودة، باعتبارها كيانا إرهابيا لدورها الرئيس في شراء المواد في الصين التي تمكن قوات الحوثيين من تصنيع أسلحة تقليدية متطورة داخل اليمن.
ومن بين العمليات الحوثية الأخرى في الصين، نسقت الجماعة، وفقا لوزارة الخزانة، مع شركة نينغبو بيلون سايج ماشين المحدودة التي تتخذ من جمهورية الصين الشعبية مقرا لها لشراء المواد الضرورية لتصنيع الطائرات المسلحة المسيرة وغيرها من الأسلحة.
ووفقا لوزارة الخزانة، قام الأفراد المرتبطون بالحوثيين من خلال شركة دونغقوان يوز للآلات المحدودة بالحصول على معدات بقيمة عشرات الآلاف من الدولارات في سياق جهودهم المحلية في إنتاج الأسلحة.
ويجري تقييم الحكومة الاستبدادية في الصين بأنها قادرة على تفكيك أنشطة شراء التكنولوجيا الحوثية من الصين إذا كانت بكين قد قيمت أنشطة الحوثيين على أنها تهديد للمصالح الصينية الحيوية