تنطبق على عصابة الحوثيين الانقلابيين اليوم مقولة أو فكرة (التاريخ يعيد نفسه)، فلقد كانت ليلة السادس والعشرين من سبتمبر ٢٠٢٤م بشعة عليهم وقاسية وبطيئة، مثلما كانت ذات الليلة من ذات الشهر في العام ١٩٦٢م.. فبالرغم من كل التجهيزات الأمنية الضخمة، والاحترازات الأكثر من مبالغ فيها، والتحفُّز الذي لم يستطع إلا أن يكون مكشوفاً وظاهراً، نتيجة للهلع الذي أصابهم، إلا أنهم رغماً عنهم عاشوا تلك اللحظة التي عاشها أجدادهم الظلاميون، خلال اندلاع ثورة السادس والعشرين من سبتمبر ١٩٦٢م، بغض النظر عن التفاصيل والنتائج بين الحالتين.
ومثلما كانت وستظل هذه المناسبة منذ ٦٢ عاما، ذكرى عظيمة وفال خير وبشارة نصر وأعياد لكل اليمنيين، كانت وستظل، من جهة أخرى، ذكرى مرعبة ونذير شؤم وهزائم للظلاميين.. وهذا ما أثبتته دون دعاوى أو تخطيط، الحالة التي عاشوها ليلة السادس والعشرين من سبتمبر الجاري، لأنهم بالفعل وجدوا أنفسهم في مكان أجدادهم، مجرد متسلطين جباة، لا يضيفون للحياة إلا الجهل والفقر والاستبداد وغير ذلك من معاني الردة الوجودية والموت الحضاري.. اليوم يواجهون الشعب بأيد فارغة، إلا من أدوات التعذيب والقتل، ورؤوس خالية إلا من حيل وأفكار الاستغلال والابتزاز والاستعباد كلما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً..
إنهم دراكولات إجرام، مصاصو دماء، اعتادوا على شرب دماء اليمنيين وامتصاص غذاءهم ومصادر قوتهم وكل أسباب بقائهم منها.. وبما أنهم شكل من أشكال الظلام وجزء من تركيبته الأساسية، فإنهم يدركون جيداً أن أية بادرة إشراقة كفيلة بحرقهم وتقويض مشروعهم المستغل والعنصري الكريه، لذا فمن الطبيعي أن يكرهوا الضوء، وأن يناصبوه العداء، وأن يظلوا يتحامون منه بكل ما يستطيعون، ويتربصون به ما أتيح لهم.. إنهم يرون، كما نرى نحن بالضبط، في كل دورة لهذا الموعد، مشاهد سقوطهم تحت غضبة الشعب، ولا ينفكون يتخيلون مصائرهم على يد الشعب، الذي لم يثبتوا انتماءهم إليه، كما لم يثبتوا يوماً حبهم له وخوفهم عليه، بقدر ما أكدوا طوال عشر سنوات كراهيتهم وعداءهم واستغلالهم له..
ومثلما أكد موقفهم الأخير من الاحتفال بسبتمبر رجعيتهم وظلاميتهم، وعدم انتمائهم لليمنيين، الذين يعتبرون سبتمبراً أبا الأعياد والأعراس، أكد هذا الموقف من جانب آخر ما نظل نردده ونعيده بكونهم أضعف وأوهى وأخوف مما يبدون عليه، أو بالأصح مما أريد لهم أن يبدوا عليه، وأصبحنا كيمنيين عموماً ندرك أكثر مما يدركون، أن عشية وضحاها كفيلة بإعادتهم إلى سلة مهملات التاريخ، التي قذفوا فيها قبل ٦٢ عاماً، بل وأن لحظة قادمة، لم تعد بعيدة الحسبان، قادرة على إحراق قلوبهم وأجسادهم، حين تنزاح الغمامة وتعود دفقات الضوء وأشعة الشمس، لتلفح أرواحهم، ولكن هذه المرة لتحرقهم، تذروهم وتذر رمادهم في الفناء.