لم تمثل ثورة الـ26 من سبتمبر انتصارا لإرادة الشعب اليمني وتتويجا لنضالاته ضد الكهنوت الإمامي المتخلف، فحسب، بل مثلت انتصارا للمشروع العربي والمد التحرري الذي تبنته مصر عبدالناصر.
في السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962 تكللت نضالات الشعب اليمني بإنتصار الثورة وإسقاط النظام الملكي الكهنوتي وإعلان ميلاد أول جمهورية في الجزيرة العربية وسادس جمهوريات المشروع القومي العربي لبناء كيان سياسي وثقافي واقتصادي ودفاعي وتربوي واجتماعي عربي جامع.
ومنذ اليوم الأول لميلاد الجمهورية في اليمن أعلنت جمهورية مصر دعمها ومساندتها للجمهورية الوليدة في جنوب الجزيرة العربية والذي سارعت إلى ترجمته سياسيا وعسكريا، مانحة الثورة والجمهورية ثقلا سياسيا في الساحة الدولية وبعدا عربيا وقوميا عزز الموقف السياسي والعسكري لقادة الثورة في صنعاء، وهو الموقف الذي عبر عته الزعيم جمال عبدالناصر عندما أكد أن "الثورة في اليمن ثورتنا؟.
وبقدر ما مثله قيام الجمهورية في اليمن من انتصار للمشروع التحرري ودورها في تعزيز الأمن القومي المصري والعربي بشكل عام، إلا ان المساندة والدعم المصري اللامحدود لم يأت مترجما لرؤية مصرية استغلت الثورة لتحقيق أهداف وأجندات سياسية وعسكرية، وإنما جاء للانتصار لأهداف ثورة الـ26 من سبتمبر وتحقيق آمال وتطلعات الشعب اليمني في التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما.
إلى اليمن جاءت مصر سياسةً وجيشاً وثقافةً وفناً، وما بين ليلة وضحاها تحول المجهول إلى معلوم وأصبح للبلد المنعزل عن العالم حضورٌ وموقفٌ سياسي وجيش، وأصبح للشعب المغيب في معتقلات الجهل والصمت لأكثر من ألف عام فكرٌ وصوتٌ وثقافة.
وانتصارا لليمن قدمت مصر خيرة أبنائها ومن أجل اليمن كتب الشعراء أروع القصائد وتسابق على تلحينها كبار الملحنين وصدحت حناجر أشهر المطربين بأروع الأناشيد التي مثلت جبهة لا تقل شأنا عن جبهات القتال وكان لها مفعول السحر في رفع معنويات اليمنيين والمدافعين عن الجمهورية وإيصال قيم ومبادئ الثورة إلى القلوب.
اليوم والشعب اليمني يحتفل بالعيد الـ62 لثورة الـ26 من سبتمبر، تتجلى الكثير من الحقائق التي تؤكد وطنية ثوار سبتمبر ونبل الموقف المصري في دعم الثورة والجمهورية وتفضح زيف المليشيا وتبعيتها لنظام طهران واجتهادها في تنفيذ أجندات إيران السياسية والطائفية على حساب أمن واستقرار اليمن واليمنين.