محلي

الانقلاب والتوحُّش المتاح..!!

وسام عبدالقوي

|
11:24 2024/09/16
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

يمضي الحوثيون بهدوء وتركيز شديدين باتجاه تدمير شكل الدولة المتعارف عليه، وتطويعها عنوة لمشروعهم الانقلابي العنصري، ويعملون منذ بداية انقلابهم على سحب بساط التحكم في إدارة الدولة، شبراً شبراً من تحت الشرعية، مزيحين أو راكلين إياها إلى الهامش بطريقة قد يعتقد البعض أنها ذكية، أو ناتجة عن ذكاء الحوثيين، وقدراتهم العالية في إدارة الأزمة والتحكم في مجرياتها.. وهو اعتقاد واهم أو بالأصح هناك من ألقى بعصا وهم هذا الاعتقاد في الداخل والخارج على السواء، لفرض الواقع الحاصل اليوم..!!

والحقيقة المرة هي أن الشرعية والتحالف هما من أتاحا لهذه الجماعة، كل أسباب النجاح في السيطرة شبه المطلقة، والعبث في شكل الدولة وتحويلها من مظلة وإطار عام يتسع لكل اليمنيين، إلى دويلة مصغرة في إبط الجماعة، وتحت تصرفهم المطلق، بل ووصل الأمر أحياناً إلى أن الجماعة الانقلابية أصبحت تتحكم وتؤثر، بفاعلية قوية، فيما هو تحت تصرف الشرعية من ممكنات وأوراق لعب ضاغطة، كان وما يزال بإمكانها أن تركل الانقلابيين إلى خارج الواقع، وتعيد ترتيب أوضاع البلاد والدولة..

ولم يعد محل جدل أن هذا التغاضي المتعمد، الذي تمارسه الشرعية والتحالف، والذي يبدو في حقيقته متعمداً لأسباب يجهلها الجميع تقريباً، قد منح الانقلاب الكثير والكثير جداً من الثقة في نفسه، وهيأ للانقلابيين معظم إن لم نقل كل أسباب الاستقواء والتحكم بمجريات اللعب في هذه الأزمة، فمن التغاضي عن انفراد هذه العصابة بمؤسسات الدولة واالاستئثار بإدارتها وسلطتها وعوائدها، إلى العبث بالتعليم وتشويه المناهج الدراسية، تخصيص الصحة وتدمير منشآتها والتعامل مع مقدرات الدولة كرأس مال خاص بهم، ووصولاً إلى تسيير عدد من أهم الموارد وجهاتها ومصادرها، كالاتصالات وأسواق النفط والطيران والجمارك والضرائب، وغير ذلك من الخطوات التي خطتها الجماعة باتجاه امتلاك الدولة والاستئثار بها..!!

المهم في كل هذا هو الإشارة إلى أن الشرعية والتحالف لو لم يريدا أن يصل الحوثيون إلى ما وصلوا إليه، لم يكن للجماعة أن تخطو خطوة باتجاه تعزيز حضورها، والاستمرار في مشروعها الانقلابي العنصري.. إن الجماعة لا تكاد تستقوي بشيء أكثر من اعتمادها على ما تناله من مساحات تغاضٍ وتنازلات، لا يمكن وصفها، حسب الظاهر، إلا بالطوعية والاختيارية.. وأنه لولا كل ذلك لما وجدنا لديها الجرأة في المساس بشيء من متعلقات الدولة، فما بالك بما تقوم به اليوم من إعادة تشكيل للحكومة، وسن واختلاق التشريعات وهيكلة الوزارات، والتعامل مع الحال وكأن لا شرعية تدب على أرض الواقع، ولا وجود لخصوم حقيقيين بإمكانهم لجمها والحد من بغيها وتوحشها الذي لم يعد مقبولاً ولا محتملاً..!!

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية