محلي

اليمن يواجه مخاطر صحية متزايدة بسبب سيول الأمطار

اليمن اليوم - خاص:

|
12:09 2024/08/29
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

تسبّبت السيول الناجمة عن الأمطار الغزيرة غير المسبوقة في وفاة وفقدان عشرات اليمنيين، وألحقت أضراراً جسيمة بالبنية التحتية، وأدّت إلى تشريد العديد من السكان، معظمهم من النازحين داخلياً، وكذلك إغلاق الطرق والخدمات العامة.

ففي أواخر الشهر الماضي، تحوّلت سيول الأمطار إلى مياه فيضانات متدفّقة اجتاحت المدن والقرى، تاركةً وراءها دماراً هائلاً. والآن، تم تحذير المحافظات الغربية والوسطى في اليمن من توقّع المزيد من الأمطار الغزيرة.

وتؤكد منظّمة الصحة العالمية في تقرير لها أن البلدان المتضرّرة من الصراعات مثل اليمن تعاني بشكل غير متناسب من تغيّر المناخ بسبب قدراتها الضعيفة بالفعل ومواردها المحدودة وبنيتها التحتية الهشّة. وتؤدّي آثار الصراع المستمر إلى إجهاد قدرتها على الاستجابة والتكيّف مع هذه التحديات، ما يؤدّي إلى زيادة مخاطر الصحة العامة ونزوح السكان وعدم الاستقرار الاقتصادي. وعلى الرغم من مساهمتها الضئيلة في انبعاثات الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري العالمي، فإن هذه البلدان تواجه أقسى العواقب.

وفي مأرب، وجد أكثر من 8400 أسرة نازحة نفسها فجأة بلا مأوى بعد تدمير 6700 ملجأ. وحوّلت الأمطار الغزيرة الشوارع إلى أنهار، فجرفت المنازل والماشية وسبل العيش. وفي محافظة الحديدة الغربية، كان الوضع مروّعاً بنفس القدر. ومع غرق مجتمعات بأكملها، ارتفع عدد القتلى بشكل مضطرد، حيث فقد ما لا يقل عن 36 شخصاً حياتهم وأصيب 564 شخصاً. وفي مديرية ملحان بمحافظة المحويت جرفت سيول الأمطار الغزيرة عدداً من المنازل والمحلات التجارية ما أسفر عن وفاة عشرات الأشخاص.

ومن المتوقّع أن تشهد الأشهر المقبلة زيادة في هطول الأمطار، حيث ستشهد المرتفعات الوسطى والمناطق الساحلية على البحر الأحمر وأجزاء من المرتفعات الجنوبية مستويات غير مسبوقة تتجاوز 300 مليمتر.

وغمرت الفيضانات البنية الأساسية العامة، بما في ذلك المرافق الصحية والطرق. وهناك حاجة ماسّة إلى فرق طبية متنقّلة وفرق طوارئ لتقديم الخدمات الصحية الأساسية للناس في المناطق الريفية المتضرّرة من الفيضانات. وفي المناطق التي نجت فيها المرافق الصحية من الفيضانات، فإنها تعاني من نقص الكهرباء وتدمير الأدوية والمعدّات.

ووفقاً لمنظّمة الصحة العالمية "تحتاج المستشفيات بشكل عاجل إلى الوقود لتوليد الكهرباء، وتطلب السلطات الصحية الأدوية الأساسية، وتعد المياه النظيفة واحدة من أهم الأولويات لتجنّب المزيد من تفشّي الأمراض المنقولة بالمياه في خضمّ تفشّي الكوليرا على نطاق واسع بالفعل في اليمن".

وأصبحت شوارع صنعاء غارقة بالمياه ومليئة بالحطام. كما تتزايد مستويات المياه الراكدة، ومعها تزداد مخاطر الإصابة بأمراض مثل حمّى الضنك والملاريا والكوليرا. وفي غياب التدخّل الفوري، تواجه العديد من المدن المتضرّرة من الفيضانات مخاطر صحية عامة متزايدة.

وقبل الصراع، كانت الزراعة والأمن الغذائي مزدهرين بفضل الأمطار الموسمية. وكانت تضاريس اليمن المتنوعة، التي تتراوح من السهول الساحلية إلى المناطق الجبلية، تسمح بمجموعة واسعة من الممارسات الزراعية. وكان هطول الأمطار متوقّعاً نسبياً، وكان المزارعون قادرين على الاعتماد على تقنيات حصاد مياه الأمطار التقليدية مثل المصاطب والصهاريج.

واليوم، تضرّرت أو دمّرت البنية الأساسية التي كانت تدعم إدارة المياه بكفاءة، وكثيراً ما تؤدّي الأمطار الغزيرة إلى فيضانات مدمّرة، ما أدّى إلى تفاقم الوضع الإنساني المتدهور بالفعل. وفي السنوات الأخيرة، أدّت الفيضانات المفاجئة المميتة على نحو متزايد إلى تدمير المنازل والملاجئ والخدمات العامة الحيوية، ما زاد من تعرّض سكان اليمن للمخاطر وتسهيل انتشار الأمراض.

وتؤكد المنظّمة الأممية أن مجموعات الصحة الوطنية ودون الوطنية تعمل على تنسيق جهود الإغاثة والتسليم في الوقت المناسب للمساعدات مع التركيز على دمج خدمات الصحة والتغذية والمياه والصرف الصحي والنظافة في الاستجابة.

وقال ممثّل منظّمة الصحة العالمية في اليمن الدكتور أرتورو بيسيجان: "إن معالجة تأثير الأمطار في اليمن تتطلّب نهجاً متعدّد القطاعات.. إن المساعدات الإنسانية والصحية الفورية أمر بالغ الأهمية لتوفير الإغاثة للمتضرّرين من الفيضانات وغيرها من الكوارث المرتبطة بالمناخ".

وشدّد على ضرورة أن تركّز الاستراتيجيات طويلة الأجل على إعادة بناء البنية الأساسية واستعادة أنظمة إدارة المياه التقليدية، وتحسين الاستعداد للمخاطر الصحية وتعزيز قدرة المجتمعات على الصمود في مواجهة الصدمات المناخية المستقبلية.

ولفت إلى أن الدعم الدولي والعدالة المناخية أمران ضروريان لمساعدة اليمن على التعافي والتكيّف مع تغيّر المناخ.
وأضاف بيسيجان "كانت الاستجابة الإنسانية سريعة ولكن حجم الكارثة هائل".

وأشار إلى أن منظّمات الإغاثة- التي تعاني بالفعل من ضغوط بسبب الصراع المستمر ونقص التمويل والقيود المتزايدة على الوصول- تحاول تقديم الإغاثة الطارئة، موضّحاً أن احتياجات سكان اليمن هائلة، والوضع يزداد تعقيداً وصعوبة يوماً بعد يوم.

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية