بحثت الولايات المتحدة وحلفاؤها ضرب المسلحين الحوثيين في اليمن بعد أن طلبوا منهم إما بوقف هجماتهم على السفن في البحر الأحمر أو مواجهة إجراءات مجهولة.
وحذرت واشنطن وعشرة دول هذا الأسبوع من أن الحوثيين المدعومين من إيران "سيتحملون مسؤولية العواقب" إذا استمروا في هجماتهم على شريان التجارة البحري الحيوي. وقد فسر العديد من الخبراء العسكريين والبحريين الذين قابلتهم بلومبرغ هذا على أنه تهديد بضربات وشيكة ضد الجماعة، على الرغم من أن مثل هذه الخطوة تنطوي على خطر تدهور الأمور لما هو أسوأ، لذلك من المحتمل أيضا اتخاذ إجراءات محدودة.
وتشمل التحديات احتمال حدوث مزيد من التدهور في الاستقرار الإقليمي، مع تصاعد التوترات السابقة جراء حرب إسرائيل ضد حماس، وهي جماعة أخرى تدعمها إيران. يجب على الرئيس الأمريكي جو بايدن أيضا النظر إلى تأثير الصراع خلال العام الجاري للانتخابات.
قد تعتمد الولايات المتحدة أيضا على الدبلوماسية مع سفر مبعوث بايدن الخاص لليمن، تيم ليندركينغ، إلى الشرق الأوسط الأسبوع المقبل للانضمام إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن في جولته.
وقال ليندركينغ إنه في حين أنه "لا يوجد تسامح" مع هجمات السفن التي خلقت "مناخا من القلق" على مستوى العالم ، لا يزال لدى الحوثيين فرصة لاختيار "المسار الأكثر حكمة" لإنهاء العنف في البحر الأحمر والتركيز على احتياجات الشعب اليمني. وتحدث إلى قناة الجزيرة الإخبارية التي تتخذ من قطر مقرا لها يوم الجمعة.
إذا فشلت الدبلوماسية، فسيتعين على الولايات المتحدة وحلفائها "اختيار الخيارات التي يمكن الدفاع عنها بوضوح" والتي تستهدف قدرة الحوثيين على مواصلة تعطيل الملاحة في البحر الأحمر مع "تجنب التورط في صراع إقليمي"، كما يقول تشايلدز، زميل بارز للقوات البحرية والأمن البحري في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.
ووفقا لأكثر من عشرة أشخاص قابلتهم بلومبرغ بما في ذلك في اليمن، وخبراء الشحن والدفاع والأمن ، تشمل هذه الخيارات:
الضربات على الأهداف
وستركز هذه على القضاء على قدرة الحوثيين على إطلاق الصواريخ الباليستية على السفن وممرات الشحن أو إضعافها من خلال ضرب مواقع الإطلاق والرادارات ومستودعات الصواريخ وغيرها من البنى التحتية الداعمة والخدمات اللوجستية. ومنذ منتصف نوفمبر وفقا للبنتاغون، أطلق الحوثيون أكثر من 100 طائرة مسيرة وصاروخ باليستي في عشرين هجوما منفصلا. وتم استهداف أكثر من 15 سفينة.
ومع ذلك، فإن هذا النهج يترك للحوثيين وسائل أخرى مثل الطائرات المسيرة والألغام البحرية والزوارق السريعة الهجومية، ففي حين يخاطر ذلك بتصعيد الوضع أكثر، فإن تصعيد المعركة مع المسلحين اليمنيين يمكن أن تجذب إليها داعميها الإيرانيين.
وقال زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي في خطاب ألقاه الشهر الماضي: "ما كنا نتوق إليه منذ اليوم الأول هو أن تكون الحرب مباشرة بيننا وبين العدو الأمريكي والإسرائيلي".
هجوم كبير
معظم الفصائل اليمنية التي تقاتل الحوثيين منذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء قبل ما يقرب من عقد من الزمن ، إلى جانب بعض الداعمين الإقليميين مثل الإمارات العربية المتحدة ، تفضل انتقاما قويا.
ويشمل ذلك إعادة تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، واستهداف مواردهم المالية وشن عمل عسكري أوسع إذا لزم الأمر.
يقول البعض إن طرد الحوثيين من مدينة الحديدة الساحلية هو السبيل الوحيد لإعادة الهدوء إلى البحر الأحمر.
يلقي الكثيرون باللوم في الوجود الساحلي للحوثيين على الضغوط التي مارستها الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى على القوات المناهضة للحوثيين، وكذلك على المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، حيث أوقفت هجوم كبير في عام 2018 لاستعادة الحديدة لدواع إنسانية.
وقال مجلس القيادة الرئاسي الذي يمثل الحكومة المعترف بها دوليا إن "العدوان الحوثي الإرهابي هو نتيجة طبيعية لتخلي المجتمع الدولي عن مسؤولياته في تعزيز القدرات الدفاعية للحكومة اليمنية".
وأي عمل عسكري كبير ضد الحوثيين يجب أن يشمل الداعمين الإقليميين الرئيسيين لمجلس القيادة الرئاسي ، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
في الوقت الحالي، لا يرغب كلاهما، وخاصة الرياض، في إعادة إشعال الصراع، التي كانت قد بذلتا قصارى جهدهما لاخماده.
مرافقة السفن
ثمة خيار آخر يتمثل في توسيع تفويض عملية "حارس الرخاء" بشكل كبير، وهي عملية عسكرية بقيادة الولايات المتحدة بدأت الشهر الماضي، لتشمل مرافقة السفن في المنطقة الواقعة بين خليج عدن والقسم الجنوبي من البحر الأحمر، على غرار ما فعله حلف شمال الأطلسي قبل 15 عاما في ذروة أزمة القراصنة الصوماليين.
إلا أنه على عكس القراصنة الصوماليين، يمتلك الحوثيون موارد عسكرية كبيرة والمنطقة التي يهددونها شاسعة نسبيا، لذلك سيتطلب ذلك عددا كبيرا من السفن الحربية المزودة بأنظمة دفاع جوي متقدمة.
العديد من الدول، وخاصة العربية الإقليمية، مترددة في الانضمام نظرا لادعاءات الحوثيين بأن هجماتهم هي من قبيل التضامن مع الفلسطينيين في غزة، وفقا لتشايلدز من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.
الخدمات اللوجستية شاقة أيضا، هناك في المتوسط حوالي 250 سفينة تعبر البحر الأحمر في أي لحظة ، وسيتعين على شركات الشحن القيام بتخطيط وتنسيق كبيرين للوصول إلى القوافل المرافقة ، كما قال آمي دانيال ، الرئيس التنفيذي لشركة Winward ، وهي شركة ذكاء اصطناعي بحرية.
المهادنة
يمكن للولايات المتحدة وحلفائها أن يحذوا حذو المملكة العربية السعودية، التي عملت بجد لإقناع الحوثيين بالالتزام بوقف دائم لإطلاق النار وخطة سلام تشرف عليها الأمم المتحدة من خلال تقديم حوافز مالية.
وكما يقول ماجد المذحجي، مدير مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية فإن المشكلة هي أن تصرفات الحوثيين في البحر الأحمر كشفت عن أوجه القصور الشديدة ل "مفهوم الاستقرار" الذي سعى السعوديون إلى صياغته مع الجماعة.
وعلى خلاف المملكة العربية السعودية، فإن قوة عظمى مثل الولايات المتحدة لديها اعتبارات أخرى.
كانت هجمات الحوثيين "إلى حد ما ضربة للنظام الذي تقوده الولايات المتحدة للحفاظ على البحار المفتوحة الذي كان موجودا منذ عقود" ، كما يقول توربيورن سولتفيدت ، المحلل الرئيسي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في شركة Verisk Maplecroft ومقرها في لندن