أكد البنك الدولي أن المخاطر التي تهدّد الآفاق الاقتصادية لليمن لا تزال "مرتفعة"، رغم وجود بعض التطورات الإيجابية.
وأوضح في تقرير "المرصد الاقتصادي لليمن- هل يلوح السلام في الأفق؟" أن الآفاق الاقتصادية لعام 2024 محاطة بالكثير من عدم اليقين، بالنظر إلى "القيود" المفروضة (من قبل الميليشيا الحوثية) على صادرات النفط ومفاوضات الهدنة الجارية.
وفرض الحوثيون "حظراً" على صادرات النفط من الحكومة الشرعية من خلال ثلاث هجمات بطائرات بدون طيّار مفخّخة على مرافق ومنشآت تصدير النفط في الأشهر التي أعقبت انتهاء الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة.
وكشف التقرير أن اليمن لا يزال يواجه تحديات هيكلية عميقة. وتعتمد آفاق النمو في قطاع النفط على إمكانية اليمن في جذب الاستثمارات الأجنبية الذي لا يزال مرهوناً بتحسين الأمن وتحقيق السلام، ولا يزال النشاط غير النفطي يواجه معوقات بسبب انقطاع تقديم الخدمات الأساسية، والنقص الحاد في المدخلات، والازدواج الضريبي، والفساد المستشري، والتشويهات في السوق الناتجة عن عدم تنسيق السياسات، وتعدّد المؤسّسات اليمنية، علاوة على ذلك، فإن الاعتماد على تحويلات المغتربين وتدفّقات المعونة، إلى جانب قابلية التأثّر بتغيّر المناخ، يترك اليمن عرضة للعوامل الخارجية.
وذكر التقرير أن التقارب الأخير بين القوى الإقليمية يشكّل خطوة مهمة نحو تخفيف التوتّرات الإقليمية القائمة منذ وقت طويل والتي أعاقت آفاق التنمية في اليمن.
وأضاف "يمكن للمفاوضات الجارية بين المملكة العربية السعودية والحوثيين أن تغيّر الديناميات على الأرض، ما يمهد الطريق لتحقيق التعافي".
ومع ذلك، تظل المخاطر موجودة، بما في ذلك احتمال استئناف الأنشطة العدائية الناجمة عن التوتّرات الإقليمية أو الداخلية، والصدمات المعاكسة الجديدة لمعدّلات التبادل التجاري، والكوارث الطبيعية الجديدة التي تشكّل تهديداً كبيراً للاقتصاد اليمني الهشّ.
ولفت تقرير البنك الدولي إلى أن انخفاض المعونة الإنسانية سيؤدّي إلى زيادة كبيرة في انتشار حالات الفقر الغذائي. كما لا يزال التقاعس على صعيد السياسات العامة بسبب الجمود السياسي بين مختلف الأطراف يشكّل خطراً بالغاً.
كما من المحتمل أن يسفر عن تداعيات سلبية على مستوى المالية العامة، لا سيّما بالنظر إلى تباطؤ زخم الإصلاحات.
وأفاد التقرير بأن هذا التقاعس قد يؤدّي إلى تصاعد التمويل النقدي، ما قد يؤدّي بدوره إلى تفاقم الضغوط التضخّمية. ومن شأن مواصلة التركيز على الاستقرار النقدي واستقرار الاقتصاد الكلي مع تدعيم السياسات والقدرات المؤسّسية أن يساعد في تحسين الآفاق الكلية في الأمد القريب.
وذكر أن الاستقرار الاقتصادي في الأمد القصير يعتمد بشكل كبير على تدفّقات العملة الصعبة التي يمكن التنبّؤ بها والمستدامة، ويعتمد أيضاً على التطورات السياسية أو العسكرية. وفي حالة التوصّل إلى هدنة دائمة أو اتفاق سلام، يمكن للاقتصاد اليمني عندها أن يستأنف نموه في غضون أشهر من التوصّل إلى مثل هذا الاتفاق، مدفوعاً بالانتعاش السريع المتوقّع للنقل والتجارة والتدفّقات المالية وتمويل إعادة الإعمار.
وعلى المدى المتوسّط، يتوقّف النمو على التوصّل إلى اتفاق سلام، ووضع سياسات حصيفة، وبذل جهود قوية للإصلاح والتعافي يدعمها تمويل دولي لإعادة الإعمار. ولضمان وصول هذا النمو إلى الفئات الأكثر احتياجاً ستكون هناك حاجة إلى الاستثمار المستدام في رأس المال البشري الذي تأثّر بشدّة بسنوات عديدة من الصراع الذي طال أمده.