كشف وزير المالية في الحكومة الشرعية سالم بن بريك أن الخبراء الاقتصاديون يقدرون الخسائر التراكمية للاقتصاد اليمني نتيجة الحرب بأكثر من 126 مليار دولار خصوصاً أن ميليشيا الحوثي مارست خلال فترة ثماني سنوات أساليب متعددة في نهب وسرقة الأموال لتعزيز اقتصادها الموازي والخفي.
وقال في حيث لصحيفة عكاظ السعودية إنه لا توجد حتى الآن مفاوضات حقيقية ترعاها الأمم المتحدة بشأن تحييد البنك المركزي وتوحيد الطبعة الورقية للعملة المتداولة في المناطق المحررة والمناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي مضيفاً أن أثير لا يتجاوز مجرد أفكار ومبادرات جاءت من قبل جهات عدة لكنها لم تتبلور بشكل كامل أو تدخل مرحلة المفاوضات، رغم حرصنا في الحكومة منذ البداية على تحييد الاقتصاد والسعي للتخفيف من آثار الحرب الاقتصادية التي أقدم عليها الحوثي منذ البداية.
وأضاف بن بريك أن الحكومة بذلت جهوداً كبيرة لمنع الانهيار الاقتصادي؛ سواء تلك الناجمة عن الحرب التي خاضتها الميليشيا الحوثية ضد الشعب اليمني أو نتيجة استخدامها الحرب الاقتصادية كإحدى الأدوات في حربها غير مكترثة بالنتائج المترتبة عن ذلك العبث الذي تمارسه والذي أدى إلى ارتفاع الفاتورة الكبيرة والباهظة التي دفعها اليمن نتيجة هذه الحرب.
وأشار إلى أن الميليشيا صادرت من الأموال المحتجزة عبر ما يسمى الحارس القضائي في حسابات مصرفية لعدد 1.250 شخصاً وأكثر من 100 نشاط تجاري خاص منها 38 شركة كبرى؛ مبلغ 1.700 مليار دولار، بالإضافة إلى ملياري عقارات، فضلاً عن نهب وجباية الأموال العامة تحت مسميات متعددة دينية ووطنية؛ منها مصادرة أموال المؤسسة والهيئة العامة للتأمينات وصناديق التقاعد العسكري والأمني التي تبلغ مئات المليارات، وحرمان المتقاعدين من أبسط حقوقهم واستلام مرتباتهم.
ورفض وزير المالية تحميل قرار نقل البنك المركزي إلى العاصمة المؤقتة عدن مسؤولية الانهيار الاقتصادي الذي تشهده المناطق المحررة، معتبراً نقله تحولاً كبيراً في مسار المعركة في طريق استعادة اليمنيين لدولتهم، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد أن سيطر الحوثي على أموال البنك بما في ذلك رواتب الموظفين وبات البنك عاجزاً عن دفع الرواتب بعد أن فرغت خزائنه.
وأضاف أن هذا القرار جاء بعد أن ظلت الشرعية تتريث في اتخاذ هذه الخطوة؛ حرصاً منها على تجنيب الاقتصاد تداعيات الحرب الحوثية، لكن ذلك بدا مستحيلاً، وبدأ البنك المركزي العمل من الصفر، ولم يكن الأمر ممكناً في سحب العملة القديمة التي كانت قد فرغت من البنك، وفي الوقت الذي كان يفترض أن تحل العملة المطبوعة بدلاً عن العملة القديمة، ذهب الحوثي بعيداً في حربه على الشعب اليمني في منع تداول العملة الجديدة في مناطق سيطرته دون اكتراث بعواقب ذلك في مضاعفة واضحة لمعاناة المواطنين.
واعترف الوزير بالوضع المأساوي والصعب الذي تعيشه البلاد بسبب انهيار العملة الوطنية، ولفت إلى أن دخل الفرد تآكل بسبب ارتفاع معدلات التضخم وأصبح لا يفي بالحد الأدنى من متطلبات المعيشة، مما أدى إلى زيادة عدد السكان تحت خط الفقر إلى أكثر من 20 مليون نسمة، منوهاً إلى أهمية الدعم المقدم من المنظمات والدول المانحة؛ التي تسهم السعودية فيه بشكل كبير، وأثرها في تخفيف المعاناة الإنسانية عن المواطن اليمني، وتعمل الحكومة جاهدة؛ وفق الإمكانات المتاحة، في سبيل الحفاظ على استقرار العملة الوطنية والحد من تدهورها.
وتطرق الوزير إلى التحديات التي تواجه الحكومة ومنها انكماش الناتج المحلي الإجمالي، وتوقف جزء كبير من الأنشطة الاقتصادية منها البرامج الاستثمارية الحكومية، وانحسار كبير في الاستثمارات الخاصة، وانسحاب أغلب المستثمرين الأجانب، وخروج رأس المال المحلي إلى الخارج بحثاً عن بيئة آمنة، وتعليق العديد من برامج المنح والقروض الخارجية، وانقسام اليمن إلى منطقتين نقديتين واقتصاديتين.
وأشار بن بريك إلى تراجع الإيرادات العامة رغم شحها بسبب استهداف المليشيا الحوثية لموانئ تصدير النفط وتوقفه وتحول السفن إلى ميناء الحديدة، وبالتالي تراجع الإيرادات الضريبية والجمركية؛ مؤكداً أن هذا مثَّل تحدياً كبيراً أمام الاستدامة المالية العامة، وبالتالي تزايد عجز الموازنة وارتفاع معدلات الدين العام، فضلاً عن استمرار الميليشيا في إغلاق الطرقات، وهذا تسبب أيضاً في زيادة المعاناة الإنسانية من ناحية وارتفاع تكاليف النقل؛ التي بدورها انعكست في ارتفاع أسعار السلع.
وأوضح أن التجاذبات السياسية لها أثر على أسعار الصرف للعملة، وارتفاع معدلات التضخم، وبالتالي زيادة عدد السكان تحت خط الفقر وزيادة المعاناة الإنسانية، وخفض المنظمات الإنسانية الدولية للدعم المقدم لليمن.
ورأى وزير المالية أن الحل للخروج من الواقع المتأزم، هو استعادة الحكومة لتحصيل كافة مواردها من العملتين المحلية والأجنبية، وإعادة تصدير النفط والغاز الذي يعد المصدر الأساسي لتوفير العملة الصعبة، وإنهاء الانقسام النقدي الحالي بين المناطق المحررة وغير المحررة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتهيئة المناخ والبيئة الآمنة لتحريك النشاط الاقتصادي في المناطق المحررة، بالإضافة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة والمشددة ضد المضاربين بأسعار الصرف، ووضع حدٍّ لمن يعبث بأسواق الصرافة وتحويل الدعم المقدم من المنظمات والدول المانحة عبر البنك المركزي، وفرض بعض الإجراءات الأمنية والسياسية.