في الوقت الذي تنفذ الكثير من الحكومات والأنظمة عملية إصلاح شامل للتعليم تقوم على أساس تنقيح المناهج الدراسية وتطويرها بالشكل الذي يؤهل الطلاب للتفاعل مع المتغيرات العلمية والتكنلوجية وقيم الحرية التي يشهدها العالم، استحدثت جماعة الحوثي الإرهابية مناهج دراسية مذهبية تستهدف النشء وتسميم وعيه بأفكار طائفية تعيده إلى ما قبل 1400 عام.
جماعة الحوثي ومنذ العام 2017، أجرت الكثير من التغييرات في المناهج التعليمية، ارتكزت في مجملها على حذف أهداف ثورة 26 سبتمبر الخالدة واستبعاد قيم الحرية والعدالة والمساواة واستبدالها بأفكار أيديولوجية وطائفية تعزز ثقافة الإرهاب وتكرس الولاء للكهنوت وترسخ مبادئ العبودية وأفضلية السلالة وأحقيتها في الحكم والوصاية على الشعب وتؤصل لفكرها الطائفي الذي لا يؤمن بالتعايش ولا يقبل بالآخر".
وركزت تغييرات الجماعة على المناهج الدراسية للمرحلة الأساسية (من الصف الأول وحتى التاسع) في مواد القرآن الكريم، التربية الإسلامية، اللغة العربية، والتاريخ والتربية الوطنية، حيث شملت التغييرات تفريغ أهداف ثورة 26 سبتمبر من مضامينها، كما شملت حذف الدروس التي تتحدث عن التاريخ اليمني والثورة اليمنية والأعياد والمناسبات الوطنية واستبدالها بدروس جديدة تتحدث عن تاريخ الجماعة وحروبها وعن شخصيات وزعامات مذهبية وقيادات حوثية قُتلت خلال الحرب، ودروساً أخرى عن كربلاء وثورة الحسين وغيرها من الدروس التي تؤجج الصراعات وتؤسس لخلافات مذهبية بين اليمنيين.
ومنذ سيطرة ميليشيا الحوثي على الدولة تحولت المؤسسة التعليمية من مؤسسة عامة يمتلكها الشعب اليمني إلى مؤسسة خاصة تمتلكها جماعة الظلام الكهنوتي، تفرض على الشعب تمويلها سواء من خلال تحويل المنهج إلى سلعة ومنتج تبيعه للطلاب أو من خلال فرض ما تسميه المساهمة المجتمعية، وامتهانها للمعلمين واجبارهم على العمل بنظام السخرة الذي اعتمد عليه الكهنوت الامامي البائد في إدارة شئونه وفرض هيمنته واستعباده لليمنيين.
وترتكز التغييرات والاستحداثات التي يحرص الحوثيين على إجرائها في المنهج الدراسي سنويا على تحقيق هدفين رئيسيين، الأول ويتمثل في نشر الفكر الطائفي للجماعة وإحداث تغيير تدريجي للمنهج، أما الثاني فهدف تجاري واستثماري يقوم على أساس تحقيق إيراد دائم يمول أنشطة المليشيا من خلال إلغاء منهج العام السابق وإجبار المدارس الأهلية على شراء المنهج الجديد والذي تصل قيمة المنهج الواحد لأكثر من 15 ألف ريال وتلزم المدارس بشرائه وبكميات تزيد عن عدد الطلاب المسجلين لديها، ناهيك عن فتح مراكز بيع مباشرة لطلاب المدارس الحكومية في مقر مطابع الكتاب المدرسي وفي الشوارع والميادين، ما يشير إلى أن المليشيا تحقق أرباحا بالمليارات سنويا.
مراقبون اعتبروا التغييرات المتواصلة التي تجريها جماعة الحوثي للمنهج الدراسي خطوة في طريق تقسيم الشعب اليمني ثقافيا وسياسيا وعلميا، ويؤسس لفكر طائفي يستهدف قيم التسامح والتعايش، مشيرين إلى أن إقدام المليشيا على تغيير المنهج وتضمينه فكرها الطائفي وإجبار الطلاب على شرائه وإلزام المعلمين على تدريسه دون أجر، يكشف عن مدى استخفاف الجماعة السلالية بالشعب اليمني وامتهانها لكرامة الإنسان