ساهم اجتماع الفيدرالي الذي انتهى إلى رفع الفائدة 25 نقطة أساس في تغير التوقعات بالنسبة لأسعار الذهب خلال الفترة المقبلة، فحالياً نشهد تصحيح في الذهب بعد ارتفاعه الكبير فوق المستوى 2000 دولار للأونصة، ولكن هذا التصحيح السلبي لن يكفي لتغيير الاتجاه العام لتداول الذهب الإيجابي، واستقرار الأسعار فوق المستوى 1850 دولار للأونصة سيدعم عودة الذهب إلى الارتفاع رغم اغلاق السوق عند هبوط بـ 0.3% لتسجل الأونصة 1978 دولار.
كما أن أكبر متغير للذهب في المستقبل هو مخاطر العدوى في القطاع المصرفي والسؤال المحوري هنا حول استعداد واشنطن لدعم جميع المودعين. خاصة مع إرسال وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين ورئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إشارات متضاربة بهذا الشأن.
كما أن أي قلق يظهر في الأسواق بشأن نقص رأس المال في البنوك الأمريكية سيكون عاملاً لارتفاع الذهب، خاصة أن أسواق السندات تظهر علامات على تخفيض في سعر الفائدة وهو الأمر الداعم للذهب بشكل كبير.
وكانت مؤسسة جولدمان ساكس المالية ذكرت أن أكبر أزمة مصرفية منذ عام 2008 تسببت في زيادة الطلب على الذهب كملاذ آمن، ليتوقع التقرير بقاء أسعار الذهب فوق المستوى 2000 دولار للأونصة وان تصل إلى 2050 دولار للأونصة خلال الـ 12 شهر القادمة، بينما كرر البنك الاستثماري نظرته الصعودية لقطاع السلع بشكل عام، حيث شهد مكاسب واسعة النطاق بنسبة 28٪.
- الذهب يلقى دعما إيجابيا من صناديق الاستثمار
منذ بداية الأزمة المصرفية قبل أسبوعين مع انهيار بنكين إقليميين رئيسيين في الولايات المتحدة هما سيليكون فالي وسيجنتشر، تدفقت حوالي 24 طنا من الذهب إلى أكبر صناديق الاستثمار المتداولة في العالم وهو صندوق SPDR والذي تصل إجمالي أصوله إلى 58.4 مليار دولار.
ومنذ هذا الوقت ويجد الذهب دعماً جيداً من تدفقات السيولة النقدية إلى صناديق الاستثمار المدعومة بالذهب، حيث شهدت هذه الصناديق تدفقات بقيمة 18 طن ذهب في الأيام الأولى من الأزمة المصرفية لتنهي 10 أسابيع متتالية من التدفقات الخارجة وفقا لتقرير مجلس الذهب العالمي.
يأتي هذا في ظل انخفاض العائد على السندات الحكومية الأمريكية لأجل عامين والتي تعد الأكثر حساسية للتغير في توقعات الفائدة، حيث انخفض العائد خلال الأسبوع المنتهي بنسبة 5% ليسجل العائد أدنى مستوى منذ منتصف سبتمبر 2022 عند المستوى 3.555%.
انخفاض العائد على السندات الحكومية يعد مصدر دعم كبير للذهب، كونه يعكس انتقال السيولة النقدية إلى المعدن النفيس على حساب السندات خاصة مع تزايد التوقعات بتوقف دورة رفع الفائدة من قبل الفيدرالي.
- تقرير لجنة تداول السلع الآجلة (COT) يظهر ارتفاعات في عقود الشراء
كشف تقرير التزامات المتداولين المفصّل الصادر عن لجنة تداول السلع الآجلة، والذي يُظهر وضع المضاربة على الذهب للأسبوع المنتهي في 21 مارس، ارتفاع ملحوظ في عقود شراء الذهب بأعلى من التقرير السابق بمقدار 6605 عقد بينما انخفضت عقود بيع الذهب مقارنة مع التقرير السابق بواقع – 13223 عقد.
اظهر التقرير أيضاً ارتفاع إجمالي قرارات التداول على عقود شراء الذهب إلى 186 أمر تداول بينما وصلت أوامر شراء عقود بيع الذهب إلى 80 أمر تداول فقط.
البيانات المتأخرة الصادرة عن تقرير لجنة تداول السلع الآجلة (COT) تظهر تغير إيجابي كبير في عقود شراء الذهب وذلك يأتي بالتزامن مع ذروة ازمة قطاع البنوك سواء في الولايات المتحدة أو في بنك كريدي سويس في أوروبا.
فالذهب أصبح هو الاستثمار الأفضل في الوقت الحالي، وأي تراجعات قد نشهدها في سعر الذهب خلال الأيام القادمة ستكون عمليات تصحيح على الأغلب ولن تكون كافية لتغيير الاتجاه العام لتداول الذهب.
- أزمة جديدة في قطاع البنوك تلوح في الأفق
تراجعت أسهم البنوك بشكل كبير في أوروبا خلال جلسة الجمعة وذلك بسبب مخاوف جديدة تحيط ببنك دويتشه الذي انخفض سهمه بأكثر من 14% بسبب ارتفاع كبير في تكلفة التأمين على مخاطر التخلف عن السداد الخاصة بالبنك.
أسهم البنك الألماني العملاق استمرت في الانخفاض لثلاثة جلسات متتالية ليفقد أكثر من 20% من قيمته خلال شهر مارس، وذلك بعد أن ارتفعت المقايضات الخاصة بالتخلف عن سداد الائتمان الخاص بالبنك إلى مستوى مرتفع، وهو ما يعكس تزايد احتمالات تخلف البنك عن الوفاء بالتزاماته للعملاء.
إلا أن بنك جي بي مورغان علقوا على أزمة دويتشه بنك ليشير إلى قوة الصحة المالية للبنك والسيولة النقدية المتوفرة لديه، وأشار بنك جي بي مورغان أن انخفاض أسعار الأسهم وارتفاع المقايضات على التخلف عن السداد لا تعكس الوضح الحقيقي للبنك.
الوضع الحالي في قطاع المصارف العالمي يدل على أنه بالرغم من الإجراءات السريعة التي اتخذها صانعي القرار لدعم القطاع المصرفي سواء في أوروبا أو الولايات المتحدة، إلا أن المخاوف مستمرة بشأن إمكانية انتقال الضغوط المصرفية إلى قطاعات اقتصادية أخرى خاصة في الاقتصاد الأمريكي الذي يشهد حالة من انتقال الإيداعات النقدية من البنوك الإقليمية إلى البنوك الكبرى وهو الأمر الذي يزيد من فرص سقوط المزيد من البنوك خلال الفترة القادمة.