بالقرن الماضي، شهدت العلاقات الدبلوماسية بين واشنطن وموسكو تدهورا كبيرا عقب إعلان قيام الاتحاد السوفيتي ونهاية الحرب الأهلية الروسية التي خلفت ملايين القتلى.
وعلى مدار 16 سنة، رفضت الولايات المتحدة الأميركية الاعتراف بالاتحاد السوفيتي. ومع فوزه برئاسة الولايات المتحدة الأميركية، اتجه فرانكلين روزفلت عام 1933 لإنهاء القطيعة معلنا اعترافه بالاتحاد السوفيتي عقب مفاوضات جمعته بمفوض الشعب للشؤون الخارجية السوفيتي مكسيم ليتينوف (Maxim Litvinov).
ومع نهاية الحرب العالمية الثانية، تردت العلاقات بين واشنطن وموسكو في خضم الحرب الباردة التي استمرت لأكثر من 4 عقود وانتهت بسقوط الاتحاد السوفيتي.
بداية دبلوماسية متعثرة
إلى ذلك، سجلت العلاقات الدبلوماسية الأميركية الروسية بداية متعثرة. ففي خضم حرب الاستقلال، عيّن الأميركيون فرانسيس دانا (Francis Dana) سفيرا لهم في سانت بطرسبرغ. وبتلك الفترة، سمح الروس للسفير الأميركي بالإقامة ببلادهم رافضين في المقابل الاعتراف به خوفا من ردة فعل البريطانيين إزاء ذلك.
ومع نهاية حرب الاستقلال وتوقيع اتفاقية باريس عام 1783، استدعى وزير الخارجية الأميركي أثناء فترة المجلس القاري، روبرت ليفنغستون (Robert Livingston)، السفير فرانسيس دانا قبل أن يتجه لإنشاء علاقات دبلوماسية مع قوى أوروبية أخرى.
وأواخر القرن الثامن عشر، أبدى الروس اهتمامهم بشمال القارة الأميركية والموارد الموجودة بها حيث جذبت تجارة الفرو عددا كبيرا من التجار الروس الذين أيدوا فكرة إنشاء نقاط تجارية بمناطق روسيا الأميركية الموجودة حاليا بألاسكا.
وخلال عام 1790، أنشأ الدبلوماسي والتاجر الروسي ألكسندر بارانوف (Aleksandr Baranov) العديد من النقاط التجارية بالمنطقة قبل أن يعلن القيصر الروسي بول الأول (Paul I) عام 1799 عن إنشاء مؤسسة أميركا الروسية المختصة في تجارة الفرو بالشمال الشرقي للمحيط الهادئ. وفي الأثناء، جاء إنشاء هذه المؤسسة ليزيد من حدة التوتر بين الأميركيين والروس، على الرغم من غياب تمثيل دبلوماسي بين الطرفين، اللذين تنافسا بمجال تجارة الفرو بالمنطقة.
تبادل السفراء
أمام ضرورة إبرام اتفاقيات لتنظيم التجارة بالمنطقة، عيّن الرئيس الأميركي توماس جيفرسون (Thomas Jefferson) عام 1803 الدبلوماسي ليفيت هاريس (Levett Harris) قنصلا أميركيا بسانت بطرسبرغ. وخلال شهر تشرين الأول/أكتوبر من العام نفسه، حل ليفيت هاريس بالعاصمة الروسية حيث حظي باستقبال هام تزامنا مع قبوله بشكل رسمي كممثل دبلوماسي للأميركيين بروسيا.
وفي مقابل ذلك، لم يرد الروس بالمثل حيث لم يرسل القيصر الروسي ألكسندر الأول أي دبلوماسي لتمثيل بلاده بالولايات المتحدة الأميركية.
وعقب لقاء بين مجموعة من الدبلوماسيين الروس والأميركيين بلندن عام 1807، طالب الأميركيون الروس بإرسال سفير لواشنطن. وأمام هذا المطلب الأميركي، أكد الروس أن بلادهم ستوافق على ذلك في حال قبول الأميركيين بإرسال دبلوماسي بهذه الرتبة، أي برتبة سفير، لسانت بطرسبرغ.
وخلال عام 1808، عيّن القيصر الروسي ألكسندر الأول الدبلوماسي أندري داشكوف (Andrei Dashkov) قنصلا لبلاده بفيلاديلفيا. وبالعام التالي، حل الأخير بالأراضي الأميركية ليستلم مهامه بشكل رسمي. وفي الأثناء، تقدم الرئيس الأميركي جيمس ماديسون عام 1809 بمطلب للكونغرس لتعيين وليام شورت (William Short) سفيرا بسانت بطرسبرغ. وأمام رفض الكونغرس، رشح ماديسون السياسي والدبلوماسي جون كوينسي أدامز (John Quincy Adams) لتولي هذا المنصب.
وعقب سماعهم لخبر موافقة الروس على تعيين سفير لهم بواشنطن، قبِل النواب الأميركيون بفكرة تعيين جون كوينسي أدامز سفيرا لهم بسانت بطرسبرغ. ويوم 5 تشرين الثاني/نوفمبر 1809، أصبح جون كوينسي أدامز أول سفير أميركي بروسيا عقب تقديمه لوثائق اعتماده للقيصر ألكسندر الأول. وبعدها بأشهر، حل الدبلوماسي الروسي فيدور باهلين (Fedor Pahlen) بالولايات المتحدة الأميركية ليصبح خلال شهر حزيران/يونيو 1810 أول سفير روسي بواشنطن.