من المعلوم بأن هناك عدد من المؤشرات ، يمكن من خلالها قياس التقدم الحضاري للأمم والشعوب ، ومن أهم تلك المؤشرات القيم الأخلاقية ، ثم يأتي العلم والمعرفة ، فالاقتصاد ، فالثقافة ...الخ .. ولكن تظل الآخلاق هي أهم مؤشر لقياس التقدم الحضاري لأي أمة أو دولة أو مجتمع أو حتى فرد . وذلك لما للأخلاق من تأثير مباشر ، على بقية المؤشرات ، لأن المؤشرات الأخرى إذا لم تكن ملتزمة ومنضبطة بالقيم الأخلاقية ، فإنها حتما سوف تنحرف عن طريقها الصحيح ، فبدلا من أن تكون مصدر خير للمجتمع وللبشرية ، فإنها سوف تصبح مصدر شر وبلاء لمجتمعها وللبشرية عموما ..!!
فعلى سبيل المثال التقدم التكنولوجي في مجال الأسلحة ، إذا لم تكن هناك قيم أخلاقية تضبط حدود استخدام تلك الأسلحة الفتاكة ، فإنها سوف تصبح مصدر تهديد حقيقي للبشرية ، وما حدث من استغلال سلبي للتطور التقني للأسلحة لدى النظام النازي الألماني كان الدافع الرئيسي لنشوب الحرب العالمية الثانية التي تسببت في مصرع الملايين من البشر ، وكانت بمثابة كارثة إنسانية بكل المقاييس ، وما تعرضت له اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية من دمار شامل ، نتيجة استخدام امريكا للقنابل النووية ، شاهد آخر على ذلك ..!!
وهكذا بالنسبة لبقية مؤشرات التقدم الحضاري إذا لم تخضع للضوابط الأخلاقية ، فإنها سوف تتحول من نعمة في صالح المجتمع والبشرية ، إلى نقمة في غير صالح البشرية وبذلك تعتبر القيم الأخلاقية هي الضابط لبقية المؤشرات فكلما كان مؤشر القيم الأخلاقية في المجتمع ايجابياً ، أدى ذلك إلى الضبط الايجابي لبقية المؤشرات الحضارية ، وهذا يجعل التقدم الحضاري لذلك المجتمع يسير في الاتجاه الايجابي .وكلما كان مؤشر القيم الاخلاقية في المجتمع سلبياً ، أدى ذلك الى الضبط السلبي لبقية المؤشرات الحضارية ، وهذا يجعل التقدم الحضاري لذلك المجتمع يسير في الاتجاه السلبي ..!!
فكيف يمكن أن يكون حال الإنسانية لو أن الجماعات الإرهابية والمتطرفة والمتشددة حول العالم تمكنت من الحصول على تقنية تطوير وتحديث الأسلحة لا سمح الله .
إذا كانت هذه الجماعات لا تتردد اليوم في ممارسة القوة المفرطة ضد خصومها والمعارضين لها بمجرد امتلاكها لبعض الأسلحة ، ولا تتردد في ممارسة كل صور الإرهاب ضد كل من يخالفها الرأي ، ولا تتردد في تفجير المدن وتدميرها وهي لا تزال في أضعف أحوالها .
وهناك الكثير من الحالات التي تؤكد ذلك فبمجرد أن حصلت بعض تلك الجماعات على بعض الأسلحة الحديثة لم تتردد في استخدامها ضد كل من يعارضها ، ولم تتردد في ممارسة كل صور الارهاب والوحشية ضد خصومها، والذي ترتب عليه حدوث حالة من الدمار والخراب والفوضى في كل المناطق التي وقعت تحت سطوتها ، وكان لذلك تأثير سلبي على مسيرة حضارة وتقدم المجتمعات في تلك المناطق ..!!
وبذلك .....
يظل مؤشر القيم الأخلاقية والإنسانية هو المؤشر الضابط والمتحكم في بقية المؤشرات ففي حال إنفلات ذلك المؤشر وإنحرافه في إتجاه السلبية ، فإن الدمار والخراب والحروب والفوضى هو حال البشرية والعكس صحيح .
وما ينطبق على الدول والمجتمعات ينطبق على الأفراد فبعض الأشخاص بمجرد حصوله على بعض الأسلحة الحديثة لا يتردد في ممارسة السلبية والعدائية ضد الآخرين ، ولا يتردد في قمع وتعسف وارهاب الآخرين ، ولا يتردد في مصادرة حقوق وحريات كل من يخالفه الرأي . وما يحدث من مشاكل وخلافات بين أبناء المجتمع الواحد والأسرة الواحدة ما هو إلا نتاج إمتلاك بعض الأفراد السلبيين لبعض المعدات والأسلحة الحديثة ، يسعى من خلالها للاستقواء على الآخرين ، وفرض إرادته عليهم تلبية لرغباته ونزواته السلبية والعدائية ، وهو ما يعكس فقدانه للقيم الأخلاقية الفاضلة والإيجابية ، وبذلك فإن إمتلاك السلاح والتقنيات العسكرية الحديثة بدون وجود ضابط أخلاقي له عواقب وخيمة على التقدم الحضاري البشري ، لذلك يجب منع الأنظمة والجماعات المتطرفة والمتشددة والارهابية من الحصول على تقنية تطوير وتحديث الأسلحة ، نظرا لعدم وجود ضوابط أخلاقية تمنعها من استخدامها ضد الآخرين ..!!