في كل جولة من جولات التفاوض مع ميليشيا الحوثي ظلت تعز خارج الحسابات بسبب الإصرار الحوثي على عدم مناقشة هذا الملف مقابل إهمال واضح من قبل طرف الحكومة الشرعية.
مؤخراً برز ملف تعز بشكل واضح في الهدنة الأممية التي أعلن عنها المبعوث الأممي غرة شهر رمضان الماضي والتي من ضمن شروطها فتح الطرقات إلى مدينة تعز وكسر الحصار المفروض عليها من قبل الحوثي منذ أكثر من سبع سنوات.
كالعادة ماطل الحوثي في تنفيذ شرط فتح طرقات تعز رغم تنفيذ شروط فتح ميناء الحديدة ومطار صنعاء وشروط أخرى من قبل الحكومة الشرعية والتحالف، وبدلاً من أن تفتح الطرقات صرح رئيس الوفد العسكري للحوثيين يحيى الرزامي بأنه سيتم فتح مقابر في تعز .
اليوم وبعد مرور خمسة أشهر على بدء الهدنة الأولى وفي الوقت الذي يحاضر فيه الوفد الحوثي في الأردن عن الملف الإنساني تقوم ميليشياته الإيرانية بتعزيزات عسكرية كبيرة من الجنود والعتاد باتجاه جبهات تعز بالتزامن مع هجوم شنته ليلة الاثنين في جبهة الضباب غربي مدينة تعز من أجل السيطرة على المنفذ الأخير للمدينة الذي يعد شريان حياتها بعد قطع كل المنافذ الأخرى منذ سنوات.
يبدو أن الجميع يسقط مجدداً في اختبار تعز، فلا الحكومة الشرعية اتخذت موقفاً واضحاً من هذا الحصار الظالم وقامت بعمل يليق بكرامة هذه المدينة وصمودها، ولا الأمم المتحدة مارست أقل الضغوط على المليشيا من أجل التخفيف عن أوجاع المدنيين في تعز، أما الحوثي فلا خير يرتقب منه فمن يحاصر ملايين السكان ويستلذ بجوعهم وعطشهم ومرضهم لا يمكن أن ننتظر منه موقفاً إيجابياً.
ليس بعيداً عن تعز ملف الحديدة واتفاق ستوكهولم المنسي، لكن بعثة الأمم المتحدة ذكرتنا هذا المساء بقلقها البالغ إزاء التواجد العسكري الكبير في مدينة الحديدة، داعية الحوثيين إلى احترام بنود ستوكهولم والامتناع عن التصعيد، وأن تبقى الحديدة خالية من المظاهر العسكرية حسب الاتفاق.
من يقرأ بيانات الأمم المتحدة يصاب بالضحك والدوار في آن واحد، أما من يرجوا السلام من الحوثي فيبدو أنه بحاجة إلى مراجعة التاريخ والأحداث، فالسلام لم ولن يكون ضمن المفردات في قاموس الحوثي.