هل يمكن للمباحثات ومؤتمرات السلام وتكريس الوعي، التي تتبناها مراكز أبحاث ودراسات أن تخرج بنتيجة إيجابية ناجعة في الحالة اليمنية؟
تساؤلات تجيب عليها آلاف المعطيات على أرض الواقع، تبرز مع كل دعوات التسوية والبحث عن حلول لأزمة معقدة ومركبة؛ تحاول مراكز القرار تجاوزها، وتعريفها
بصورة مختلفة لما هو عليه الحال.
نجحت الأمم المتحدة في انتزاع الهدنة مؤخرًا لكنها فشلت في تثبيتها، وادعت أن ذلك إنجاز بحد ذاته؛ حتى والتقارير تقول بأن التحشيد للحرب على أشده في كافة الخطوط، من قبل مليشيات الحوثي المدعومة بسخاء من قبل محاور وجهات دولية.
ولكي نضع النقاط على الحروف يمكن القول إنه من نتائج الهدنة إسكات صوت البنادق ولعلعة الرصاص، كتمهيد لمسار جديد، لكن ذلك الشرط البديهي تبخر منذ الساعة الأولى وحتى الأخيرة.
هذه الاختلالات في التفاوض هي نتائج وليست مقدمات، لأن الطاولة التي اجتمع حولها الطرفان في الكويت واستكهولم وعمّان الأردن ومسقط والبحر الأحمر، وسابقا مؤتمر الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة، هي نفس الطاولة اللهم تغيرت الأماكن وبعض الوجوه.
اليوم نحن أمام دور مختلف لمراكز أبحاث أو دراسات مدعومة من قوى دولية، عبر المنظمات والأمم المتحدة، ولعل استكهولم هي الحاضن الرئيسي بالإضافة إلى أن المبعوث الأممي الأخير سويدي الجنسية، أتى متحمسًا وأبدى رغبته في اختراق جدار الأزمة، نفس الحماس الذي سبق وأن أبداه سلفه مارتن غريفيث البريطاني وولد الشيخ الموريتاني وجمال بن عمر المغربي.
إذاً في حال تتبعنا النتائج أو المآلات التي خلفها هؤلاء المبعوثون، فإننا سوف نجزم أنه لا الأمم المتحدة ولا مراكز الدراسات سوف تنجز شيئاً على الواقع؛ ما لم يكن هناك إجماع من القوى السياسية اليمنية بمختلف مكوناتها، إلى جانب دور الأشقاء الذي نأمل أن يصبح جزءاً من الحل وليس العكس، بعد أن تراجعت عملية الصدام المباشرة مع جماعة الحوثي.
سأكون صريحاً فيما يخص المؤتمر الأخير الذي أقامه مركز صنعاء للدراسات في العاصمة استكهولم والذي جمع نخبة جيدة من اليمنيين، بعضها وجوه مكررة لكن لها باع في السياسة من خلال مناصب حكومية سابقة.
المؤتمر تم الإعداد له بشكل سري وهذا لا يهم، الأهم هي المدخلات والنتائج وكيف يمكن التعاطي مع أزمة وصراع خلف حتى اليوم آلاف القتلى والجرحى والمشاريع الهدامة، بمعنى هل مثل هذه الفعاليات والحضور سيلقي بظلاله في المكان الإيجابي؟ الإجابة مخيبة للآمال تماما والأمر مجرد فانتازيا وتسجيل حضور لا أكثر، ليس تقليلا من الفكرة أو القائمين عليها أو من المشاركين أبدا إنما من انعكاسات الحالة اليمنية التي صارت متشعبة أو بالأصح متحجرة في إطار مخيف جدا.