منذ وصولي مأرب لا يخلو يوم من لقاء بقيادات مدنية وعسكرية مشائخ، صحفيين، ناشطين، مواطنين، جنودا.. أقسم بالله لا أعرف من هو الإصلاحي أو المؤتمري إلا من كنت أعرف مسبقا.. الكل على أكتافهم بنادقهم، الكل حديثهم عن الجبهات، عن خطر الحوثي، عن توحيد الصفوف، عن معركة مصيرية.. لا شيء بحديثهم يوحي بانتمائهم الحزبي.
ربما توجد مماحكات حزبية وخلاف وجهات نظر وهذه طبيعة أي محافظة حيوية غير مغلقة على طرف بعينه وتضم في تركيبتها كافة الأطياف والتوجهات لكن الشيء الذي لا خلاف عليه هو الدفاع عن هذه المدينة والموت دفاعا عنها ليس لانتمائهم لها فالكثير من سكانها ومقاتليها ينتمون لمحافظات أخرى.
لا تجد في قواميس هذه المحافظة أي شعار من شعارات المناطقية حتى كأنك ترى على طاولة واحدة في صالة أي مطعم أو بين جدران أي مقيل، اليمنَ الكبير بكل مناطقه وانتماءاته، ولهذا يقاتل الجميع للدفاع عنها، ولهذا لا نبالغ حينما نقول مأرب قلعة اليمن الكبير وحارس هويته وجمهوريته وكرامته.
مَن بالداخل ومَن بالجبهات لهم هدف وقضية واحدة.. لا خلاف بينهم.. لأنهم يعلمون معنى أن تضحي بدمك وروحك في سبيل قضيتك، معنى مرابطتك المترس وسكنك الجبهة، معنى مغادرتك منزلك وبكتفك سلاحك لا تدري هل تعود لأطفالك أم لا، معنى احترام تضحيات الآخرين وتعبهم ومعاناتهم التي يتشاركها الجميع.
وحده الخلاف يسكن مقاهي شوارع عواصم الشتات وغرف نوم سماسرة الأرض بالدول العربية والأوروبية، أما بالداخل فالجبهات مصير واحد يجمع قيادتها ومقاتليها قبر أو نصر. والمدن معاناة وجوع وقهر وظلم واحد يجمع سكانها.. لم يعد هناك شيء يختلفون عليه.. لقد سلبهم الحوثي كل شيء.. جميعنا سلبنا كل شيء.