من لا يستطيع فهم عدم مبالاة سلطة الحوثي بجوع الناس وعدم الشعور بأي مسؤولية تجاههم وتجاه ما يعانونه من فقر وعوز وفاقة، فما عليه إلا أن يحاول فهم فلسفتهم الناتجة عن عقيدتهم في (الولاية) وتفسيرهم للقرآن الكريم.
يؤمن الإماميون بشدة بالتكليف الإلهي، وبضرورة أن يؤول السلطان إليهم ولو بحرب الى قيام الساعة.
لكنهم في نفس الوقت يرون أنهم ليسوا مسؤولين عن أرزاق الناس (لأن الأرزاق بيد الله وحده) ولا شأن لهم في ذلك فمعيشة المواطن هو المسؤول عنها وليسوا هم، فهم لا يرزقون فالرازق هو الله ومن أراد الرزق فليسعَ له وأثناء سعيه عليه ألا ينسى الزكاة!! (ومؤخرا الضرائب والجمارك والخمس).
وبعد أن تتم لهم الولاية يأتي قوله تعالى (خذ من أموالهم) والتي هي أقرب الايات الى قلوبهم تقديرا وتطبيقا.
( خذ من أموالهم)، هي ما وعوه من القرآن، وهي خلاصة مسؤوليتهم بعد ضبط الجانب الأمني وإقامة الحدود الشرعية، وليس للناس عليهم بعد ذلك سبيل، وقصة الإمام الطاغية يحيى مع مجاعة أهل تهامة معروفة، حين رفض فتح مخازن الحبوب لهم عند مراجعته من بعض العلماء، وقال مقولته الشهيره (من مات فهو شهيد ومن عاش فهو عتيق).
هذه بكل بساطة هي نفسية(سيوكلوجية) الإماميين في الحكم وفلسفتهم.
وإذا نظرنا خلال 1200 سنة خلت من حكمهم المتقطع، فسنجد هذه النمطية للحكم تتكرر دائما مع كل إمام حكم اليمن أو جزءا منه، وهي نمطية ثابتة منذ دولة الهادي الرسي إلى اليوم.. ثوابت يقوم عليها حكمهم في كل زمان لم يخرج عنها أحد منهم، يطبعون بها من يقع تحت سيطرتهم، على أن ذلك التطبيع يكون في صمت من خلال الممارسة والتطبيق دون تصريح أو مكاشفة علنية لطبيعة سياستهم في الحكم، فمن خلال الممارسة سيفهم الناس من تلقاء أنفسهم وسيرضخون إلى أن ينفد الصبر وتبدأ الثورة.