طفل أوقعه القدر في خضم حرب تدخل عامها السابع في مساحة من الأرض أُطلق عليها قديما اسم اليمن السعيد.
سعادة لم يعرفها هذا الجيل ولم يجدها إلا حكايات مطولة في بطون الكتب. الصورة التي التقطها مصور صباح اليوم لهروب نازحين من مخيم الميل الواقع غرب مارب وهم في حالة رعب خلفتها قذائف الحوثي، تختزل حجم المأساة، وكيف أن قلب أم رحيم لم يجد مكانا يقي فلذته من شظايا مقذوف حوثي سوى هذا المكان الذي بات خيارا وحيدا في متناوله.
إنها حياة النزوح التي يعاني مرارتها اليمنيون، ويتجرعون أشكال المأساة في ظل غياب المسئولية الأخلاقية والقانونية التي باتت مجرد شعارات.. لا أدري ماذا سيكتب التاريخ عن رحلة محفوفة بالموت، تُرك النازحون فيها فريسة سهلة لعبث سلالي يرى في الإنسان اليمني مجرد ترف لا جدوى منه، أو سيئة يجب التخلص منها..
أين حقوق الطفولة المسلوبة غصبا، وكيف لضمير حي أن يمر دون أن تستوقفه هذه البراءة المذبوحة، وبأي ذنب ألقيت في مهب الريح.. على أطراف مارب أكثر من 120 مخيم وتجمعات بشرية تفتقد لأبسط مقومات الحياة، وخيام متهالكة لا تقي حر صيف أو برد شتاء، ولا تتمتع بحصانة من قذائف الحوثي لتباغت سكانها في هجوع الليل الأخير فيخرجون بما تحمل أيديهم إلى نزوح جديد..
لا شيء يمكن قوله هنا، فالصور القادمة من المخيمات تتحدث بلغة أشد مرارة..لاسيما أن بعض الأسر سجلت اليوم النزوح الخامس منذ 6سنوات حرب لا تبقي ولا تذر..
لا أسوأ من الكارثة الحوثية سوى صمت المجتمع الدولي ونفاقه تجاه القضايا الانسانية الذي يتقاطع مع مواقف النخب السياسية اليمنية التي تبدو وكأنها كانت في هذا البلد مجرد بعثات دبلوماسية فغادرته مستأثرة بما في يديها من أقوات المقهورين