أكثر من نصف مليار تلقتها مؤسسة حوثية واحدة في 4 أيام فقط.
في يومين، استلمت منظمة حوثية أخرى ربع مليار.
مئات الملايين بإسم “هدايا العلماء” والجوامع ومراكز التعليم الحوثية و”في سبيل الله” و”المؤلفة قلوبهم”!
من مفتي الجماعة إلى رئيس لجنتها الثورية إلى قياداتها العسكرية البارزة، جميعهم يتزاحمون على “الشيكات” في كشوفات صرفيات الزكاة مع أنهم يصفونها بـ”أوساخ الناس”!
في يوم 30 أبريل 2019، استلم رئيس اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي شيكاً بـ20 مليون ريال من أموال الزكاة من حساب “الغارمين- أمانة العاصمة”، وبموجب “توجيه بدون أوليات”.
وفي 15 يونيو 2019، استلم يوسف المداني، القيادي العسكري الثاني في جماعة الحوثيين بعد زعيم الجماعة “عبدالملك” وزوج إبنة مؤسس الجماعة “حسين”، شيكاً بـ50 مليون ريال من أموال الزكاة مقابل “دعم المرابطين في الجبهة الشرقية بناء على طلب مقدم منه”، وقد صُرف له من حساب “سبيل الله- أمانة العاصمة”.
وفي اليوم نفسه، 15 يونيو2019، استلم قيادي حوثي آخر )من “بيت المداني” أيضاً(، هو أمين المداني، شيكاً بـ100 مليون ريال من أموال الزكاة باسم “المؤلّفة قلوبهم- أمانة العاصمة”. (نعم. ترِد هكذا بالحرف في كشوفات هيئة الزكاة: “المؤلَّفة قلوبهم”! وستتكرر هذه العبارة في كشوفات الهيئة للنصف الأول من 2019 أكثر من مرة، وسنتناول هذه النقطة في الحلقة القادمة من هذا التقرير).
هل تتذكرون يوم 8 يونيو 2020؟ ما يزال يوماً قريباً، أليس كذلك؟ في ذلك اليوم، سنًّت جماعة الحوثي تعديلاتٍ عنصرية على اللائحة التنفيذية للزكاة تقضي بمنح “الهاشميين” “الخُمُس”، أي 20 بالمئة من كل الثروات العامة والخاصة. وارتكز الحوثيون في تشريعهم العنصري هذا على إدعاء أن “الخُمس” فريضة واجبة على كل مسلم لـ”آل البيت” (الهاشميين) لأن “الزكاة” محرمة عليهم.
لكنّ الواقع يقول إنهم يأكلون الخمس والزكاة أيضا. والواقع الذي يقدمه لكم هنا “يمن سايت” يتحدث بلسان وعيون الوثائق والمستندات، وبالتحديد: وثائق ومستندات الهيئة العامة للزكاة الخاضعة لسيطرة الحوثيين في صنعاء نفسها.
الوثيقة عبارة عن كشوفات صرفيات وعُهَد الهيئة العامة للزكاة شاملةً أرقام وتواريخ الشيكات المصروفة وأسماء المستلمين والجهات المصروفة لها خلال النصف الأول من عام 2019.
وتتألف الوثيقة، التي يحتفظ “يمن سايت” بنسخة منها، من 48 كشفاً ضمت 620 شيكاً صرفت لعدد من القيادات الحوثية البارزة وقيادات أخرى حوثية “غير معروفة” لكنها تنحدر- بحسب ألقابها الواردة في الكشوفات- من عائلات هاشمية كبيرة، وتشير أحجام الشيكات والعهد التي استلموها أنهم نافذون داخل الجماعة، فقد حملت لهم هذه الشيكات مئات الملايين من أموال الزكاة خلال الفترة الوجيزة المذكورة.
“يمن سايت” ينفرد بنشر تقرير من ثلاث حلقات عن هذه الوثيقة الهامة التي تثبت إستحواذ الحوثيين- وبخاصة قياداتهم ذات الألقاب “الهاشمية” من أعلى هرمهم القيادي إلى أسفله- على مليارات الريالات من أموال الزكاة خلال فترة قياسية جداً، بأوامر صرف غير دستورية وغير قانونية وتحت أبواب وبنود صرف غير واضحة المعالم كما وغير معلومة ومحددة في قنوات وطرق صرفها، وغالباً بدون أية بنود صرف أصلاً وبدون أوليات.
الوثيقة تكشف أيضاً أن ما لا يذهب من أموال الزكاة إلى جيوب قيادات جماعة الحوثي السياسية والعسكرية والأمنية يذهب لتمويل مدارسهم ومراكزهم الطائفية وتمويل مرجعياتهم الدينية التي تجادل بإستمرار بأن “الخُمس” من حق “آل البيت” “لأن الله ورسوله حرما عليهم الزكاة”.
لكن، هل حرّموا هم الزكاة على أنفسهم فعلاً؟ كشوفات الهيئة العامة للزكاة، التي بين أيدينا، تجيب على هذا السؤال، وتزيح الستار عن جانب من عمليات النهب اليومية التي تطال أموال الزكاة، وأموال كل الموارد الأخرى، من قبل الحوثيين.
الزكاة تذهب كـ”هدايا” لـ”علماء” الحوثيين:
إذا سمعتم مفتياً أو خطيباً حوثياً يتحدث عن أحقية “آل البيت” (الهاشميين) في “الخُمُس” من كل الثروات العامة والخاصة لأن الزكاة محرّمة عليهم، فتذكروا هذا:
في 18 يونيو 2019، تم صرف شيك بـ50 مليوناً و400 ألف ريال من أموال الزكاة كـ”عهدة مشروع هدايا العلماء”، هكذا بالحرف ورد أمام الشيك في كشوفات هيئة الزكاة. لقد ابتدعوا مشروعاً أسموه “مشروع هدايا العلماء” الذي يقدم لـ”علماء” الحوثيين هدايا نقدية من أموال الزكاة بشكل دوري. ولا حاجة للإشارة هنا إلى أن معظم “العلماء الحوثيين” المعنيين هنا بـ”هدايا” الزكاة ينتمون في غالبيتهم العظمى إلى أسر هاشمية (شيك الهدايا هذا صُرِف بطلب وبنظر محمد أحمد العياني).
ويصرف الحوثيون بشكل دوري عشرات الملايين كهدايا لـ”علمائهم” وأئمة وخطباء جوامعهم ومراكزهم الطائفية كما يصرفون لهم عشرات الملايين كمساعدات.
في 13 مارس 2019، مثلاً، استلم محمود مقبل الشرفي شيكاً بمليونين و10 ألف ريال كـ”مساعدة للخطباء في محافظة صنعاء”، وهم خطباء حوثيون بالضرورة.
وفي 22 أبريل 2019، تم صرف شيك بخمسة مليون ريال كـ”مساعدة للعلماء”، دون إشارة لهويتهم. لكن هويتي الشخصين، اللذين تم صرف الشيك بطلبهما ونظرهما وهما حسين أحمد العياني وأحسن محسن شعفل، تشير إلى أنه صرف لـ”علماء” من صعدة، من حساب “سبيل الله”.
ولا يتورع “علماء” وفقهاء الجماعة، الذين يفتون ليل نهار بوجوب تقديم “الخُمُس” لـ”آل البيت” بدعوى أن الله حرم عليهم الزكاة، عن تقديم طلبات دورية لهيئة الزكاة بصرف ملايين الريالات لهم بدون وجه أو مبرر رغم فتاواهم وخطبهم وجدالهم المستمر بأن من حقهم “الخمس” لأن الزكاة محرمة عليهم.
شمس الدين محمد شرف الدين، مثلاً، هو “مفتي الديار اليمنية” كما يصفه الحوثيون الذين عينوه عام 2015 رئيساً لـ”هيئة الإفتاء الشرعية”. وهو أيضاً “رئيس رابطة علماء اليمن” التي أنشأها الحوثيون كبديل زيدي لـ”هيئة علماء اليمن” التي يرأسها الشيخ والقيادي الإصلاحي عبدالمجيد الزنداني. ويعد شرف الدين أحد أكثر المرجعيات الحوثية المتشددة في مسألة حق “آل البيت” بـ”الخُمُس” من كل الثروات العامة والخاصة، ثروات البلد والمواطنين.
بل إن رئيس هيئة الإفتاء الحوثية اعتبر “الخُمس” ركناً من أركان الإسلام تماماً مثله مثل الصلاة والزكاة والصيام والحج. في يوم الجمعة 12 يونيو الماضي، اعتلى شرف الدين منبر جامع الشوكاني بصنعاء وألقى خطبة في المصلين قال فيها إن “الأمة مجمعة على فريضة الخُمس كما أجمعت على وجوب الصلاة والزكاة والصيام والحج، لم يختلف على ذلك اثنان”. وأكد أنه “لو عاش الشافعي والمالكي وأبو حنيفة وأحمد بن حنبل وسائر فقهاء المسلمين القدامى في وقتنا هذا، لأتفقوا على وجوب الخمس في النفط والغاز وما استُخرِج من معادن”. وأوضح أن المعادن تشمل الذهب والفضة وكل ما يقبل الطرق والسحب “بحسب آراء علماء الأمة”، كما قال.
لكن “الخُمس”، بالنسبة لمفتي الحوثيين، لا يتوقف عند النفط والغاز وكل ما يقبل الطرق والسحب من المعادن، بل يشمل المياه المعدنية أيضاً “لأنها من المعادن” كما يقول: “حتى شركات المياه المعدنية، التي تستثمر اليوم في المياه المعدنية وتدر عليها أموالاً خيالية، ثروات هائلة”، لابد من الخمس “حتى من المياه المستخرجة من باطن الأرض لأنها من المعادن”، قال.
لكنْ، هل يتوقف الخُمس في نظر مفتي الحوثيين عند هذا الحد، عند المياه المعدنية؟ بالطبع، لا.
لا يرى شرف الدين وجوب الخمس في المياه المعدنية فقط، بل يرى وجوبه حتى في الأحجار و”النَّيْس” و”الكَرِّي” (مواد تستخدم في البناء)، يقول: “بإجماع كل المذاهب، أن كل ما رُكِز في الارض من المعادن جامدةً كانت أو سائلةً، ففيها الخمس (…) وأنتم تعلمون كيف يستثمر الناس وما يستخرجونه هذه الأيام من الكسّارات والنَّيْس والكَرِّي”. ويضيف: “عندما نقطع أحجار أو كًرِّي أو نَيْسَة، وتدخل أرباحاً طائلة، ثم لا يجب فيها شيء (يقصد الخمس)؟ هل هذا جائز؟ هل هذا يعقل؟ (…)”، سأل المصلين باستنكار شديد وأجاب هو: “الدليل العقلي والدليل النقلي يقول بوجوب الخُمس”!
ويرى شرف الدين وجوب الخمس في كل ما تجود به الأرض من نفط ومعادن ومياه معدنية وأحجار بناء و”نَيْس” و”كرِّي” بالإضافة طبعاً إلى المحاصيل والثمار وكل المزروعات. غير أنه استثنى بعض الأمور التي قال إن الخمس والزكاة غير واجبين فيها، وضرب مثالاً عليها بـ”الحطب” و”الحشيش” (يقصد العَلَف الذي يقدم للمواشي)، هذان لا زكاة فيهما ولا خُمس لأنهما تستخدمان لحاجة يومية وتؤخذان من المال المباح، حسب قوله.
واعتبر المفتي الحوثي تسليم “الخُمس” لـ(الهاشميين) “تسليماً بأمر الله”، كما اعتبر أن من يعارض “الخمس” من “المحاربين لأمر الله وأمر رسول الله”. واستنكر شرف الدين وصف “الخُمس” بـ”العنصري” قائلاً إن الله فرض “الخُمس” على الناس “من باب الإبتلاء الإلهي لا من باب العنصرية”.
وشبّه المفتي الحوثي الهاشميين بـ”ناقة صالح” معتبراً تفضيل الله لهم بـ”الخُمس” مثل تفضيله لـ”ناقة صالح”، قال: “فُضّلت الناقة التي ابْتُلِي بها قوم صالح، فكان لها شرب ولهم شرب يوم معلوم، وهذا من باب الابتلاء الإلهي وليس من باب العنصرية”!
ولكنْ، لماذا حرم الله الزكاة على “الهاشميين” وأقرّ لهم “الخُمس”؟ يجيب شرف الدين قائلاً إن الله ورسوله منعا الزكاة والصدقات عن “آل البيت” لأنها “أوساخ الناس”.
وليس شرف الدين وحده بين المرجعيات الدينية الحوثية من يستلم شيكات من أموال الزكاة التي يعتبرها “أوساخ الناس”، بل هناك كثر غيره وردت أسماء بعضهم في كشوفات الزكاة التي بين يدي “يمن سايت” فيما لم ترد أسماء بعضهم الآخر، لكنهم استلموا الملايين ضمن مجموعات دون ذكر أسمائهم في الكشوفات.
هل تعرفون محمد أحمد مفتاح، الفقيه المتشدد الذي عينه الحوثيون عضواً في لجنتهم الثورية العليا بعد سيطرتهم على صنعاء؟ هو الآخر ممن يقدمون طلبات لهيئة الزكاة.
في 18 يونيو 2019، استلم أحمد سعيد مجلي شيكاً بمليونين و330 ألف ريال من حساب “سبيل الله- أمانة العاصمة”. وتقرأون في خانة المستفيدين من هذا الشيك إسم “محمد أحمد مفتاح” بالإضافة إلى طلاب جامع النهرين ومدرسي وطلاب مسجد قبة المهدي، وهما مسجدان حوثيان معروفان في صنعاء.
وقبل ذلك بشهر، وتحديداً في 19 مايو، استلم محمود مقبل الشرفي شيكاً بـ600 ألف ريال بناءً على طلب مقدم من محمد مفتاح لمساعدة 30 شخصاً، وفقاً للكشوفات.
ولا يكتفي الحوثيون بصرف أموال الزكاة لمرجعياتهم وفقهائهم وخطبائهم، بل يقومون بتمويل مراكزهم ومدارسهم الطائفية بشكل مستمر بعشرات الملايين من أموال الهيئة العامة للزكاة.
الزكاة تذهب أيضا إلى مراكز الحوثي الطائفية:
من بين عشرات الجوامع والمراكز والمدارس الواردة أسماؤها في كشوفات شيكات الزكاة الموجودة بين يدي “يمن سايت”، ليس هناك مدرسة حكومية واحدة أو مركز حكومي واحد أو جامع غير حوثي تلقى ريالاً واحداً من هذه المليارات، كلها جوامع ومراكز ومدارس حوثية طائفية صرفة.
ويأتي الجامع الكبير في صنعاء على رأس قائمة المساجد والمراكز والمؤسسات الحوثية التي تتلقى شيكات شهرية من أموال الزكاة بالإضافة إلى شيكات بمبالغ غير منتظمة يتلقاها كعُهد ومساعدات للخطباء وفقهاء الجامع وطلابه.
في 5 مارس 2019، صُرف للجامع الكبير 4 مليون ريال بنظر أحمد محمد الديلمي كـ”عُهدة مساعدة طلاب العلم في الجامع الكبير بصنعاء”.
ويتم صرف هذا المبلغ من أموال الزكاة للجامع الكبير شهرياً بنظر نفس الشخص وبنفس المسمى.
ففي 8 أبريل، استلم أحمد الديلمي شيكاً بنفس المبلغ كـ”عهدة مساعدات طلاب العلم في الجامع الكبير بصنعاء”.
ثم في الـ28 من الشهر نفسه، استلم أحمد الديلمي شيكاً بـ 4 مليون ريال، ولكن هذه المرة كعهدة لـ”الحالة السكنية لطلاب الجامع الكبير لشهر مايو 2019″.
وفي الـ28 من مايو، استلم أحمد الديلمي شيكاً بـ 4 مليون ريال بدون ذكر أية تفاصيل سوى أنها للجامع الكبير عن شهر مايو.
ولا يتلقى الجامع الكبير وحده شيكات شهرية من أموال الزكاة، فهناك العديد من الجوامع والمراكز والمؤسسات الحوثية الأخرى تتلقى شيكات شهرية بالملايين أيضا.
في 19 فبراير 2019، استلم نايف صالح صالح شيكاً ب 15 مليون ريال من أموال الزكاة كـ”مساعدة لمركز مدرسة بدر”، وهو أحد المراكز الحوثية الطائفية المعروفة في صنعاء.
وفي اليوم نفسه، أي 19 فبراير، استلم حمزة عبدالله المرتضى شيكاً بـ3 مليون و375 ألف ريال باسم “مركز بيت السيد”. وفي خانة الجهة الطالبة، تقرأون إسم “يحيى عبدالله المرتضى (أخوه)”. والمركز هو مركز ديني طائفي معروف في مديرية بني حشيش محافظة صنعاء.
وفي 20 مارس، استلم محمود مقبل الشرفي شيكاً بـ7 مليون و600 ألف ريال كـ”مساعدة لشهداء جامع بدر+الحشوش”.
وفي 27 مارس، استلم المركز التعليمي التابع للمرجعية الحوثية “أحمد درهم” شيكاً بـ 4 مليون ريال من أموال الزكاة بنظر “أحسن محسن صالح شعفل” من حساب “في سبيل الله”.
وفي 22 أبريل، استلم “نايف صالح صالح” شيكاً بـ400 ألف ريال لـ”ترميم مركز الإمام زيد في الجوف”، وهو مركز حوثي طائفي، وقد صرف الشيك بطلب من “عبدالقادر أحمد عبدالله المهرس”.
وفي 4 مايو، استلم نايف صالح، الذي يُشار إليه كـ”مدير للتجهيزات”، شيكاً بـ 10 مليون ريال لـ”استكمال مركز بدر” (الذي استلم قبل ثلاثة أشهر كما أشرنا آنفاً 15 مليون ريال).
وفي 6 مايو، استلم حسين أحمد العياني شيكاً بـ 4 مليون ريال تحت بند “المساعدة الشهرية لمدارس العلوم الشهرية لشهر رمضان 1440هـ”، ومن حساب “في سبيل الله”.
وفي اليوم التالي، أي في 7 مايو، استلم العياني نفسه شيكاً بمليوني ريال كـ”مساعدة فرش لإثنين جوامع في حيدان بصعدة” من حساب “سبيل الله”.
وفي 21 مايو، استلم محمد الشهراني شيكاً بمليون ريال كـ”عهدة تجهيز جامع شهران في عمران”.
وبالإضافة إلى الجوامع والمراكز الدينية، تتلقى مؤسسات حوثية أخرى الملايين من أموال الزكاة.
في 27 مايو، استلم محمود مقبل الشرفي شيكاً بمبلغ (23.795.000) ريال كـ”مساعدة لبنك الكساء اليمني”.
ولا يقتصر الأمر على الجوامع والمراكز والمدارس الحوثية، بل يمتد إلى المؤسسات والمنظمات الخاصة التابعة لناشطين وناشطات حوثيات والتي تتلقى عشرات، بل مئات، الملايين من أموال الهيئة العامة للزكاة.
كما تُصرف عشرات الملايين من أموال الزكاة لدعم إذاعات إف إم خاصة بشخصيات حوثية.
أكثر من نصف مليار لمنظمة حوثية واحدة في 4 أيام:
لكن هذه الهيئة لم تستمر كما هي، بل تم تطويرها إلى كيان آخر أكبر وأوسع في المهام والصلاحيات. في 6 نوفمبر 2019، أصدر الحوثيون قراراً بإنشاء “المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي” (واختصاره: سكمشا). ولم ينشيء القرار هذا المجلس هكذا، بل أنشأه على أنقاض قطاع حكومي هام في وزارة التخطيط والتعاون الدولي هو “قطاع التعاون الدولي” الذي تم نقله كله بكل مهامه واختصاصاته إلى هذا المجلس المستحدث. وبات (سكمشا) هو المسؤول عن كل صغيرة وكبيرة تتعلق بوضع ونشاط المنظمات الدولية والمحلية العاملة في مناطق سيطرة الحوثيين.
ويتولى هذا المجلس تسجيل المنظمات وإصدار التصاريح لها بممارسة مهامها ونشاطها. إذا أرادت أي منظمة تنفيذ أي مشروع كبناء مدرسة أو حفر بئر مياه أو ممارسة أي نشاط سواء كان ورشة عمل أو بحث ميداني أو توزيع مواد إغاثية أو حتى النزول الميداني لموظفيها، فعليها أن تستخرج تصريحاً من المجلس بذلك. ويشترط الحوثيون على المنظمات الدولية، مقابل إصدار تصاريح لها، دعم منظمات غير حكومية محسوبة عليهم، من أبرزها: منظمة “بنيان” ومؤسسة “يمن ثبات للتنمية”، وكلاهما مؤسستان حوثيتان معروفتان.
غير أن هذه المنظمات لا تكتفي بالدعم الذي تحصل عليه من المنظمات الدولية رغم أنفها وبضغوط ميليشيا الحوثي، بل تحصل أيضاً على مئات الملايين من أموال هيئة الزكاة كعُهد سلات غذائية ومجهود حربي لجبهات القتال (مع أنها منظمات “مدنية” تتلفّع بعناوين: “التنمية البشرية” و”حقوق الإنسان” و”السلام”).
في 3 يناير 2019، استلمت “مؤسسة يمن ثبات للتنمية” شيكاً بـ50 مليون ريال من أموال الزكاة كـ”عهدة لإعانة المرابطين في جبهة الحدود”.
وفي 22 أبريل، استلم حسين عبدالوهاب حسين القاضي شيكاً بـ30 مليون ريال كـ”عهدة لمؤسسة الشهداء (الحوثيين، طبعاً)”.
وفي 27 أبريل، استلم حسان غانم سالم البدري شيكاً بـ5 مليون ريال بإسم “يمن ثبات” كعهدة دون أن تذكر الكشوفات طبيعة هذه العهدة.
غير أن هذين الشيكين اللذين صُرِفا لـ”يمن ثبات” من أموال الزكاة لا يشكلان شيئاً مقارنة بالشيكين اللاحقين.
في 19 مايو، استلم محمود مقبل الشرفي بإسم “يمن ثبات” شيكاً بـ375 مليون و900 ألف ريال، أي أكثر من ثلث مليار، من حساب “فقراء أمانة العاصمة”، (وقد صرف المبلغ “مقابل شراء 21 ألف سلة غذائية لم تذكر الكشوفات أين ولمن تم توزيعها).
وبعد حوالى أسبوعين، وتحديداً في 2 يونيو، استلم الحسين عبدالله يحيى الوزير شيكاً بـ230 مليون ريال، أي قرابة ربع مليار، بإسم مؤسسة “يمن ثبات” من حساب “سبيل الله- أمانة العاصمة”.
وبهذا تكون “مؤسسة يمن ثبات للتنمية” قد استلمت من أموال الزكاة 655 مليون ريال، أي أكثر من نصف مليار، في 4 أيام فقط.
“يمن ثبات” مؤسسة حوثية أنشئت مؤخراً، لكنها تحظى بدعم كبير من الحوثيين كما هو الحال مع منظمة “بنيان” التي أنشئت قبلها بفترة، وهي منظمة تحظى بـ”تدليل خاص” من الحوثيين كما يعرف أغلب موظفي المنظمات الدولية في اليمن، وهذا “التدليل الخاص” الذي تحظى به هذه المنظمة لا يقتصر على دعم المنظمات الدولية بل يشمل المال العام اليمني وصولاً إلى أموال الزكاة التي تلتهم منها هذه المنظمة شيكات بمئات الملايين.
في 8 مايو، استلمت منظمة “بنيان” شيكاً بـ100 مليون ريال كـ”دعم لمشروع الوجبات الرمضانية”.
وفي 11 يونيو، استلمت نفس المنظمة شيكاً بـ150 مليون ريال من حساب “فقراء أمانة العاصمة”، وكتب أمام الشيك “باقي مساهمة الهيئة في مشروع الوجبة الرمضانية لمنظمة بنيان”.
وبهذا، تكون منظمة بنيان قد استلمت من أموال الزكاة ربع مليار ريال في يومين فقط من أيام النصف الأول من 2019.
ولا يقتصر الأمر على المؤسسات والمنظمات غير الحكومية، بل يقوم الحوثيون بصرف أموال الزكاة على إذاعات الإف إم الخاصة بأشخاص منتمين لهم.
في 5 مايو، استلم محمد يحيى صالح الصوملي شيكاً بمليون وربع المليون ريال بإسم إذاعة “آفاق” التي يديرها علي الشرفي.
وفي 23 مايو، استلم محمود مقبل الشرفي شيكاً بمليونين ونصف المليون ريال بإسم إذاعة وطن التي يديرها المنشد الحوثي عبدالعظيم عزالدين.
يرتكز الحوثيون في سنّ قانون “الخُمس” العنصري، الذي يمنح “آل البيت” (الهاشميين) 20 بالمئة من كل الثروات العامة والخاصة (باستثناء “الحطب” و”عشب البراري”، وفقاً لمفتيهم)- كما ذكرنا آنفاً- على أن الزكاة “محرمة على آل البيت”. لكن كشوفات الهيئة العامة للزكاة للنصف الأول من 2019 وحده تثبت، بالأسماء والأرقام وبما لا يدع مجالاً للشك، أن الحوثيين- ذوي الألقاب الهاشمية تحديداً- يستحوذون على كامل المصارف التسعة للزكاة التي يسمونها “أوساخ الناس”.
* نقلا عن موقع يمن سايب