لم تعد قذائف الحرب وحدها من تقتل المواطن اليمني بل إنه يموت في اليوم بمئة قذيفة ألماً وكمداً وحزناً وهو لايملك قدرة على توفير لقمة عيش لأفراد أسرته لإبقائهم على قيد الحياة بعد أن دخل الريال اليمني العناية المركزة وسط تفرج وعجز وفشل حكومي في السيطرة على انهيار العملة الوطنية وفقدان البنك المركزي المعترف به في عدن للبوصلة الذي تدله على الاتجاه الصحيح.
وعزا اقتصاديون هذا الانهيار إلى حرب العملة المستعرة بين الحكومة والمليشيات الحوثية التي دخلت فصلاً جديدا من الصراع في ظل إصرار الأولى على ضخ الطبعة الجديدة من العملة وتمنع الأخيرة تداولها في السوق بالإضافة إلى غياب الرؤية لدى الحكومة وعدم وضع دراسات اقتصادية جادة لإنقاذ العملة من التهاوي باعتبارها الضامن الوحيد لحماية الاقتصاد من التصدعات والسقوط المدوي.
وتوقع الخبراء أن الريال اليمني الذي فقد أكثر من 30 في المئة من قيمته منذ مطلع العام الجاري قد يتراجع بشكل كبير خلال الأيام والأسابيع المقبلة ليتجاوز سقف الألف ريال مقابل الدولار الواحد.
وتسبب التهاوي الجديد للعملة إلى أعباء ثقيلة على كاهل المواطنين أبرزها ارتفاع أسعار السلع التجارية خصوصاً الغذائية والدوائية ما يعني الولوج إلى مستنقع المجاعة خصوصاً في ظل توقف صرف المرتبات منذ أربع سنوات.
وما زاد الطين بله فوارق أسعار الصرف ما بين المناطق التي تسيطر عليها الحكومة ومناطق السيطرة الحوثية حيث تجاوز سعر صرف الريال في عدن حاجز الـ 800 ريال مقابل الدولار فيما يتداول الدولار في صنعاء بأكثر من 600 ريال أي بفارق أكثر من 200 ريال بينما بلغ سعر صرف الريال السعودي في صنعاء أكثر من 160 ريالاً وأكثر من 200 ريال في عدن.
هذه الفوارق لأسعار الصرف في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي ومناطق سيطرة الحكومة دفعت اليمنيين إلى وضع سيل من التساؤلات أجاب على بعضها اقتصاديون الذين أكدوا أن في مقدمتها عدم وجود التزامات لدى مليشيات الحوثي تجاه الموظفين بعدم صرف مرتباتهم فضلا عن ربطها لحركة التحويلات المالية عبر البنك المركزي في صنعاء والتخفيف من حدة المضاربة ما شكل استقراراً في الكتلة النقدية لديها خصوصاً من النقد الأجنبي.
وأضاف الخبراء أن التحويلات المالية من المناطق المحررة إلى مناطق سيطرة مليشيات الحوثي تعتمد على العملة الأجنبية ما شكل ضغطاً نزولياً إضافياً على الريال.
وقال مصرفيون إن جميع التحويلات المالية التي تتم عبر محال الصرافة من عدن إلى صنعاء بالريال اليمني يتم تحويلها إلى دولار وريال سعودي لتسديد الصرافين الذين يسلمون الحوالات بالريال من الطبعة القديمة مضيفين أن شركات ومحال الصرافة والبنوك في المناطق المحررة تغطي فجوة فوارق أسعار الصرف من جيوب المواطنين للاستمرار في عملها والنجاة من الإفلاس خصوصاً مع رفض القطاع المصرفي والمالي في مناطق سيطرة الحوثي التعامل بالأورق النقدية الجديدة وتشترط التعامل بالدولار والريال السعودي ما تسبب في استنزاف العملة الصعبة وزيادة الطلب عليها بالمناطق المحررة وتوفرها في صنعاء وبالتالي انهيار الريال فيها بشكل أكثر.
وكان ناشطون وإعلاميون وسياسيون يمنيون أطلقوا حملة عبر منصات التواصل الاجتماعي تحت هاشتاج #انهيارالعملةيقتل_اليمنيين متهمين القيادات الاقتصادية والمسؤولين الحكوميين بالفساد أو العمالة والتعاون مع مليشيات الحوثي لإحداث هذا الفرق الشاسع بما يخدم الأخيرة في حربها على الشعب اليمني