منذ الوهلة الأولى لتبلور فكرة إنشاء إطار جامع للأمة في عقول منظريها من كافة التيارات اليمنية باختلاف توجهاتها وعلى رأسها نواة الفكرة ومنظرها الأول الرئيس علي عبدالله صالح الذي منذ توليه قيادة الدولة في يوليو من العام 1978 وإلى جانبه رفاق دربه النضالي كان من أولوياتهم تبنّي نهج وطني يعتمد على الوسطية والاعتدال لا غلو فيه قبلياً أو سلالياً أو مناطقياً أو فكرياً أو أيديولوجياً.
وعلى الرغم من التنوع والاختلاف والتباين الشديد الذي ساد تلك الحقبة التي تزامنت مع ظهور حركات التحرر في الوطن العربي واحتدام الصراع بين التيارات اليسارية والليبرالية وكذلك الاسلامية إلا أن قادة اليمن ومرجعياتها ورجالها الوطنيون توصلوا إلى صيغة وطنية جامعة تجسدت بالدعوة لمؤتمر شعبي تجتمع في بوتقته كافة تلك التناقضات والتباينات حرصاً على حماية الثورة المجيدة 26 سبتمبر و14 أكتوبر للعمل بروح وطنية جامعة سعياً لتحقيق أهدافها السامية
تجاه ذلك التفت القوى الوطنية حول ذلك المؤتمر الوطني جاعلة من الاعتدال والوسطية نهجاً أساسياً لها في حوار جاد يهدف لمعالجة كافة قضايا الوطن العالقة.
وفي توجه وطني واضح غلّبت فيه المصلحة الوطنية على المصالح الجهوية الضيقة صيغت وثيقة وطنية مثلت حتى اليوم مرجعاً ودستوراً وطنياً اتسم بوسطية الصياغة والطرح مشكّلاً بذلك عقداً اجتماعياً تمثل بالميثاق الوطني مسجلةً بذلك نهجاً نادراً للوسطية ونموذجاً ايجابياً وفريداً في الاعتدال حيث شملت في طياتها كافة جوانب الحياة الدينية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والحضارية والايديولوجية.
هذه الوثيقة صاغتها أيادٍ يمنية خالصة وبأحرف وطنية شددت على ضرورة وأهمية حماية الوطن ومبادئ وأهداف الثورتين المجيدتين والانطلاق نحو تنمية شاملة للمجتمع والدولة اليمنية الموحدة والدفاع عن مكتسباتها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والحضارية ..
وبذلك تحول المؤتمر الشعبي إلى تنظيم سياسي جمع في إطاره كافة شرائح المجتمع اليمني وأصبح التنظيم القائد للدولة والمجتمع فاتخذ من قاعدتي الاعتدال والوسطية استراتيجية أساسية له في إدارة وقيادة الدولة والمجتمع الأمر الذي مكنه من استيعاب كافة تلك التناقضات في إطاره الحزبي فأصبح تنظيماً محورياً في محيطه المحلي ورقماً صعباً في محيطه الاقليمي والدولي.
والتف هذا التنظيم الرائد حول القضايا الوطنية والإقليمية وتعاطى بمرونة عالية مع معطيات وظروف الساحة السياسية المحلية والاقليمية والدولية بما لا يتناقض مع الثوابت ولا يخالف نهجه الوطني والقومي والأممي والتنظيمي فكان بذلك ولايزال حقاً حزب الوسطية والاعتدال وأنموذجاً ناصعاً لتجربة ديمقراطية يحتذى بها لثبات مبادئه وسمو أهدافه ورسوخ منطلقاته الفكرية.
ونظراً لكل ذلك فقد مثلت القاعدة الجماهيرية العريضة للمؤتمر في ترسيخ جذوره باصفطاء الشعب له ليكون جسره الآمن والأمثل في عبوره لبلوغ طموحاته المتمثلة في بناء دولة راسخة مستقلة وذات سيادة مطلقة وإرساء قواعد العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات والعيش بكرامة تحت سقف الوطن الواحد الموحد بعيداً عن أي وصاية خارجية.